أبو حامد الغزالي

والملقب بـ

هو محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي النيسابوري الصوفي الشافعي الأشعري المعروف بالغزالي ، أحد أعلام عصره وأحد أشهر علماء المسلمين في القرن الخامس الهجري، (450 هـ -505 هـ) وكان فقيهاً وأصولياً وفيلسوفاً، فكان صوفيّ الطريقةِ، شافعيّ الفقهِ فلم يكن له مثيل في عصره، وكان على مذهب الأشاعرة في العقيدة، وقد عُرف كأحد مؤسسي المدرسة الأشعرية في علم الكلام، وأحد أصولها الثلاثة بعد أبي الحسن الأشعري، ولقب ب "حجة الإسلام"، و"زين الدين"، و"محجة الدين"، و"مفتي الأمّة"، و"بركة الأنام"، و"إمام أئمة الدين"، و"شرف الأئمة".ابتدأ رحلته في طلب العلم منذ صباه، فتعلم الفقه في طوس على يد الشيخ أحمد الراذكاني سنة 465هـ، ثم رحل إلى جرجان، وأخذ العلم على يد الشيخ الإسماعيلي. وفي عام 473 هـ رحل الغزّالي إلى نيسابور ولازم إِمام الحرمين أبو المعالي الجويني (إمام الشافعية في وقته، ورئيس المدرسة النظامية)، فدرس عليه مختلف العلوم، من فقه الشافعية، وفقه الخلاف، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والمنطق، والفلسفة، وجدّ واجتهد حتى برع وأحكم كل تلك العلوم، ووصفه شيخه أبو المعالي الجويني بأنه: «بحر مغدِق». وكان الجويني يُظهر اعتزازه بالغزالي، حتى جعله مساعداً له في التدريس، وعندما ألف الغزالي كتابه "المنخول في علم الأصول" قال له الجويني: «دفنتني وأنا حيّ، هلّا صبرتَ حتى أموت؟». عندما تُوفي أبو المعالي الجويني سنة 478 هـ، خرج الغزالي إلى عسكر نيسابور، قاصدا وزير الدولة السلجوقية، وكان له مجلس يجمع العلماء، فناظر الغزالي كبار العلماء في مجلسه وغلبهم، وظهر كلامه عليهم، واعترفوا بفضله، وتلقوه بالتعظيم والتبجيل. وكان الوزير زميلاً للغزالي في دراسته، وكان له الأثر الكبير في نشر المذهب الشافعي فقه، والعقيدة الأشعرية السنّية، وذلك عن طريق تأسيس المدارس النظامية المشهورة. وقد قبل الغزالي عرض نظام الملك بالتدريس في المدرسة النظامية في بغداد، وكان ذلك في جمادى الأولى عام 484 هـ. ولم يتجاوز الرابعة والثلاثين من عمره. بعد خوض الغزالي في علوم الفلسفة والباطنية، عَكَف على قراءة ودراسة علوم الصوفية، وصحب الشيخ الفضل بن محمد الفارمذي (الذي كان مقصداً للصوفية في عصره في نيسابور، وهو تلميذ أبو القاسم القشيري). فتأثر الغزالي بذلك، ولاحظ على نفسه بعده عن حقيقة الإخلاص لله وعن العلوم الحقيقية النافعة في طريق الآخرة، وشعر أن تدريسه في النظامية مليء بحب الشهرة والعُجُب والمفاسد، عند ذلك عقد العزم على الخروج من بغداد. فخرج من بغداد في ذي القعدة سنة 488 هـ، وقد ترك أخاه أحمد الغزّالي مكانه في التدريس في النظامية في بغداد. وقد خرج إلى الشام قاصداً الإقامة فيها، مُظهِرَاً أنه متّجه إلى مكة للحجّ حذراً أن يعرف الخليفة فيمنعه من السفر إلى الشام. فوصل دمشق في نفس العام، ومكث فيها قرابة السنتين لا شغل له إلا العزلة والخلوة، والمجاهدة، اشتغالاً بتزكية النفس، وتهذيب الأخلاق. فكان يعتكف في مسجد دمشق، وكان يكثر الجلوس في زاوية الشيخ نصر المقدسي في الجامع الأموي، والمعروفة اليوم بـ "الزاوية الغزالية" نسبةً إليه. بعد ذلك رحل الغزالي إلى القدس واعتكف في المسجد الأقصى وقبة الصخرة. ثم ارتحل وزار مدينة الخليل في فلسطين، وما لبث أن سافر إلى مكة والمدينة المنورة لأداء فريضة الحج، ثم عاد إلى بغداد، بعد أن قضى 11 سنة في رحلته ذي القعدة سنة 499 هـ ، ألّف خلالها أعظم كتبه "إحياء علوم الدين"، ولم يدم طويلاً حتى أكمل رحلته إلى نيسابور ومن ثمّ إلى بلده طوس، وهناك لم يلبث أن استجاب إلى رأي الوزير فخر الملك للتدريس في نظامية نيسابور مكرهاً، فدرّس فيها مدة قليلة، وما لبث أن قُتل فخر الدين الملك على يد الباطنية، من ثم ّ رحل الغزالي مرة أخرى إلى بلده طابران في طوس، وسكن فيها، متخذاً بجوار بيته مدرسة للفقهاء وخانقاه (مكان للتعبّد والعزلة) للصوفية، ووزّع أوقاته على وظائف من ختم القرآن ومجالسة الصوفية والتدريس لطلبة العلم وإدامة الصلاة والصيام وسائر العِبَادات، كما صحّح قراءة أحاديث صحيح البخاري وصحيح مسلم على يد الشيخ عمر بن عبد الكريم بن سعدويه الرواسي.من أشهر تلاميذ الغزالي؛ أبو النصر أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الخمقدي، توفي سنة 544 هـ، وتفقّه في طوس على الغزالي، أبو سعيد محمد بن أسعد التوقاني، توفي 554 هـ، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن تومرت المصمودي، الملقّب بـ "المهدي"، عبد القادر الجيلاني، والجيلاني ألتقى ب الغزالي وتأثر به حتى أنه ألف كتابه "الغُنية لطالبي طريق الحق" على نمط كتاب "إحياء علوم الدين".وله عدد كبير من المؤلفات، ففي العقيدة وعلم الكلام والفلسفة كانت أشهر مؤلفاته؛ تهافت الفلاسفة، إلجام العوام عن علم الكلام، بغية المريد في مسائل التوحيد، حجّة الحق، في الرد على الباطنية. وأشهر مؤلفاته في علم الفقه وأصوله؛ البسيط في الفروع، الوسيط، في فقه الإمام الشافعي، الوجيز، في فقه الإمام الشافعي، فتاوى الغزالي، المنخول في علم الأصول. وكذلك أشهر كتبه في علم التصوف؛ إحياء علوم الدين، روضة الطالبين وعمدة السالكين، الأربعين في أصول الدين، زاد الآخرة، (وقد كتبه بالفارسية وتُرجم إلى العربية). وله العديد من المؤلفات الأخرى مثل؛ المضنون به على غير أهله، جواهر القرآن ودرره، وغيرها. توفي الإمام الغزالي – رحمه الله – في الطوس بالطابران، يوم الاثنين 14 جمادى الآخرة 505 هـ.

كتب المصنف في الموقع