هو أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي. ولد في البصرة عام 364هـ الموافق 974م، أكبر قضاة آخر الدولة العباسية، صاحب التصانيف الكثيرة النافعة، الفقيه الحافظ، من أكبر فقهاء الشافعية والذي ألّف في فقه الشافعية موسوعته الضخمة في أكثر من عشرين جزءًا. ولد لأب يعمل ببيع ماء الورد فنسب إليه فقيل "الماوردي". ارتحل به أبوه إلى بغداد، وبها سمع الحديث، ثم لازم واستمع إلى أبي حامد الإسفراييني. تألق نجم الماوردي عند عودته إلى بغداد وقيامه بالتدريس، كان يعلم الحديث وتفسير القرآن. وتولى القضاء في كورة "أستوا" من ناحية نيسابور، ولقب بأقضى القضاة عام 429هـ.، وكانت مرتبته أدنى من قاضي القضاة، ثم بعد ذلك تولى منصب قاضي القضاة. نشأ الماوردي، معاصرا خليفتين من أطول الخلفاء بقاء في الحكم: الخليفة العباسي القادر بالله، ومن بعده ابنه القائم بأمر الله الذي وصل الضعف به مبلغه حتى إنه قد خطب في عهده للخليفة الفاطمي على منابر بغداد.وقد برز نجمه السياسي عندما عمل سفيرًا بين رجالات الدولة في بغداد وبني بويه في الفترة بين عامي 381 و 422هـ، لحل الخلافات الناشبة بين أقطار الدولة العباسية.تعلم على يد علماء منهم الحسن بن علي بن محمد الجبلي المحدث، ومحمد بن عدي بن زُحَر المقرئ، ومحمد بن المعلى الأزدي، وجعفر بن محمد بن الفضل البغدادي وأبو القاسم عبد الواحد بن محمد الصيمري القاضي بالبصرة أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفراييني ببغداد.وكان له حلقة يقصدها طلاب العلم وذوي المكانة فيه، يشرح لهم أصول الفقه وقواعده، والسياسة وأحكامها، والخلافة وموجباتها، والوزارة والولاية والدواوين، وكلٌ يشهدون بسعة اطلاعه، وينتفعون باستنباطاته. ومن أبرز تلاميذه الخطيب البغدادي.ومكانته العلمية لا يجهلها أحد ممن اطلع على سيرته، فهو إمام في الفقه والعلم والعمل والزهد. قال الخطيب البغدادي تلميذه: (الماوردي في وجوه فقهاء الشافعية، وله تصانيف عدة في أصول الفقه وفروعه، وكان ثقة). وقال اليافعي: (أبو الحسن الماوردي: أقضى القضاة، مصنف الحاوي الكبير النفيس الشهير، كان إماماً في الفقه والأصول والتفسير، حافظاً للمذهب، بصيراً بالعربية). وقال ابن خلِّكان: (هو من وجوه الشافعية وكبارهم، وكان حافظاً للمذهب "الشافعي" وله فيه كتاب الحاوي الذي لم يطالعه أحد إلا وشهد له بالتبحر والمعرفة التامة بالمذهب).وقال الذهبي: (هو الإمام العلامة، أقضى القضاة، صاحب التصانيف الكثيرة).لكنه أتهم بالاعتزال من خلال تفسيره المسمى "بالنكت والعيون"، لكن انتصر له تلميذه الخطيب البغدادي فدافع عنه ودفع عنه الادعاء.اشتهر الماوردي بكثرة التأليف وغزارة الإنتاج، ولكن لم يصل إلينا من مؤلفاته إلا القليل. ويمكن تصنيف مؤلفاته في مجموعات دينية ولغوية وأدبية وسياسية واجتماعية. ومن أبرزها: أدب الدنيا والدين؛ أعلام النبوة؛ الحاوي الكبير؛ الإقناع وهو مختصر لكتاب الحاوي الكبير.ومن أشهر كتبه في مجال السياسة قوانين الوزارة وسياسة الملك، نصيحة الملوك، تسهيل النظر وتعجيل الظفر، الأحكام السلطانية الذي يُعد من أشهر كتب الماوردي وأعظمها أثرًا.توفي في يوم الثلاثاء سلخ شهر ربيع الأول من سنة 450 هـ الموافق 1058 م، ودفن من الغد في مقبرة باب حرب، وكان قد بلغ 86 سنة، وصلى عليه الإمام الخطيب البغدادي.