ابن حزم

والملقب بـ

هو أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد الأندلسي القرطبي. المولود في قرطبة في الأندلس سنة 384هـ. عالم من أكبر علماء الإسلام في التصنيف والتأليف بعد الطبري، وهو حافظ وفقيه ظاهري، أديب شاعر نسابة، عالم بسند الحديث النبوي، ناقد فيلسوف، وهو من أوائل العلماء الذين قالوا بكروية الأرض، كان ابن حزم الظاهري وزيرا سياسيا من وزراء بني أمية في الأندلس. كان ابن حزم الأندلسي، حافظا عالما بعلوم الحديث وفقهه مستنبطا للأحكام من الكتاب والسنة متفننا في علوم جمة، عاملا بعلمه زاهدا في الدنيا، فهو أحد أعلام المسلمين في القرن الخامس الهجري، وقد صفوه فقالوا: هو الإمام الكبير، والمجتهد المطلق، بحر العلوم، وجامع الفنون، الفقيه الحافظ، الأديب الوزير، المؤرخ الناقد، صاحب التصانيف الباهرة. عاش حياته الأولى في صحبة أخيه أبى بكر، الذي كان يكبره بخمس سنوات، في قصر أبيه أحد وزراء المنصور بن أبي عامر وابنه المظفر من بعده. وكانت تربيته في تلك الفترة على أيدي جواري القصر الذي كان مقاما في الشارع الآخذ من النهر الصغير على الدرب المتصل بقصر الزاهرة، والملاصق لدار المنصور بن أبي عامر، ومن ذلك نعرف مدى المكانة التي كان يحظى بها والد ابن حزم لدى المنصور بن أبي عامر حتى جاوره في السكن. وكان ابن حزم قد خرج من وسط أسرة عرفت الإسلام منذ جده الأعلى "يزيد بن أبي سفيان"، وكان خلف أول من دخل الأندلس من أسرته في صحبة الأمير عبد الرحمن الداخل، وكان مقامه في لبلة، ومن ذلك نعرف أن مقر هذه الأسرة كانت الشام بعد مشاركة يزيد أصل هذه الأسرة في الفتوحات الإسلامية بها، ولما خرج عبد الرحمن إلى الأندلس خرج معه خلف بن معدان وهناك مصادر تؤكد انه من أصل أسباني. وقد بدأت هذه الأسرة تحتل مكانها الرفيع كواحدة من كرائم العائلات بالأندلس في عهد الحكم المستنصر، ونجحت في امتلاك قرية بأسرها هي منت ليشم، ولا يعلم هل خلف بن معدان هو الذي تملكها أم أبناؤه من بعده، ولعل ذلك يحيلنا إلى مدى ذكاء هذه الأسرة الذي انعكس بدوره على أحمد بن سعيد وولده ابن حزم من بعده. سكن ابن حزم وأبوه قرطبة ونالا فيها جاها عريضا. أصبح أبوه أحمد بن حزم من وزراء الحاجب المنصور بن أبي عامر من أعظم حكام الأندلس، فارتاح باله من كد العيش والسعي وراء الرزق، وتفرغ لتحصيل العلوم والفنون، فكتب طوق الحمامة في الخامسة والعشرين من عمره. وقد رزق ذكاء مفرطا وذهنا سيالا. وقد ورث عن أبيه مكتبة ذاخرة بالنفائس، اشتغل في شبابه بالوزارة في عهد "المظفر بن المنصور العامري" ثم ما لبث أن أعرض عن الرياسة وتفرغ للعلم وتحصيله. ولي وزارة للمرتضي في بلنسية، ولما هزم وقع ابن حزم في الأسر وكان ذلك في أواسط سنة 409هـ، ثم أطلق سراحه من الأسر، فعاد إلى قرطبة. ثم ولي الوزارة لصديقه عبد الرحمن المستظهر في رمضان سنة 412 هـ، ولم يبق في هذا المنصب أكثر من شهر ونصف، فقد قتل المستظهر في ذي الحجة من السنة نفسها، وسجن ابن حزم ثم عفي عنه. كما تولى الوزارة أيام هشام المعتد فيما بين سنتي 418-422هـ. والإمام ابن حزم مجتهد مطلق، وإمام حافظ، كان شافعي الفقه، فانتقل منه إلى الظاهرية، وافق العقيدة السلفية في بعض الأمور من توحيد الأسماء والصفات وخالفهم في أخرى وكل ذلك كان باجتهاده الخاص، وله ردود كثيرة على الشيعة واليهود والنصارى وعلى الصوفية والخوارج، واشتهر بجراءته على خصومه وشدته، وكان ابن القيم شديد التتبع لآثار وكتب ابن حزم، وكان يصفه بمنجنيق العرب أو بمنجنيق الغرب. وكانت الناس تضرب المثل في لسان ابن حزم، فقيل عنه: "سيف الحجاج ولسان ابن حزم شقيقان"، فلقد كان ابن حزم يبسط لسانه في علماء الأمة وخاصة خلال مناظراته مع المالكية في الأندلس، وهذه الحدة أورثت نفورا في قلوب كثير من العلماء عن ابن حزم وعلمه ومؤلفاته، وكثر أعداؤه في الأندلس. ومن أكثر المهتمين بفقه ابن حزم وتراثه من المعاصرين الشيخ أبو تراب الظاهري والشيخ أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري وكذلك الشيخ محمد أبو زهرة، والأمام الألباني والشيخ مقبل بن هادي الوادعي وكذلك الأديب سعيد الأفغاني وغيرهم كثير جدا. وله عدد هائل من المؤلفات في التاريخ والنسب، والفقه وأصوله، والقرآن وعلومه، والعقيدة والفلسفة والمنطق، واللغة والطب، وغير ذلك. منها ما وصلنا ومنها مالم يصلنا إذ حرقت بالأندلس عدا ما احتفظ به تلاميذه النجباء ووصلنا بعد ذلك، ومن أبرز تلك المؤلفات، رسالة في فضل الأندلس وذكر رجالها، وجمهرة أنساب العرب، والمحلى بالآثار شرح المجلى بالاختصار اثنى عشر جزءا توفى ابن حزم ولم يتمه حيث توقف عند المسألة رقم2023 وأتمه ابنه الفضل من كتاب أبيه الإيصال طبع عدة مرات، والإحكام في أصول الأحكام، ومراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات، وحجة الوداع، والنبذة الكافية في أحكام أصول الدين، ورسالة الأصول، وتراجم أبواب صحيح البخاري، وجزء في أوهام الصحيحين، والإنصاف في الرجال، والفصل في الملل والأهواء والنحل، وديوانه الشعرى، ورسالة في الطب النبوي، وكتاب الأدوية المفردة. وغيرها الكثير. توفي ابن حزم آخر شعبان سنة 456هـ في قرية "منت ليشم" ببادية لبلة، تاركا مذهبا شهد على انتشاره بالأندلس ألد أعدائه، بعدما صارت له من الابتلاءات والمحن من حرق كتبه بلبه، وغير ذلك.

كتب المصنف في الموقع