هو الشيخ محمد محمد بن سويلم أبو شهبة، عالم جليل وعلم من أعلام الحديث في هذا العصر. ولد في سبتمبر 1914م، بقرية «منية جناج» الواقعة على ضفاف نهر النيل فرع رشيد التابعة لمركز ومدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ. أتمَّ حفظ نصف القرآن الكريم بكتَّاب القرية إلى جانب تعلم القراءة والكتابة، وأصول الدين. ولما فتحت المدارس الأولية التحق بمدرسة قريته أتم بها حفظ القرآن الكريم، وأخذ الشهادة الأولية في سن الثانية عشرة. ثم التحق بمعهد دسوق الديني، ثم بمعهد طنطا الثانوي، وفي عام ١٩٣٥م التحق بكلية أصول الدين. ثم أخذ الشهادة العالية، وكان من الأوائل فالتحق بقسم الدراسات العليا «شعبة التفسير والحديث». وفي عام ١٩٤٤م نجح في الامتحان التمهيدي للعالمية، ونوقش في رسالة «الدكتوراه» أمام لجنة خماسية من كبار العلماء فنالها بدرجة الامتياز. ثم عُين مدرسا بكلية أصول الدين ثم رقي إلى أستاذ مساعد، ثم أستاذا. وفي أكتوبر ١٩٦٩م عين عميدا لكلية أصول الدين بأسيوط وكانت أول كلية بأول فرع أنشئ لجامعة الأزهر في مصر، وظل يسعى حتى أنشأ بفرع الجامعة كلية الشريعة والقانون، وكلية اللغة العربية. وفي مطلع حياته العلمية أعير إلى المملكة العربية السعودية للتدريس بالمعهد العالي السعودي الذي صار كلية للشريعة، وشارك في وضع المناهج الدينية والعلمية في القطر الشقيق، وفي عام ١٩٦٣م أعير إلى كلية الشريعة بجامعة بغداد فمكث بها عاما واظب فيه على درس الجمعة في مسجد الإمام أبي حنيفة النعمان. ثم أعير للجامعة الإسلامية بأم درمان بالسودان فمكث فيها نحو ثلاث سنوات، كانت توفده الجامعة كل رمضان إلى غرب السودان. وظل يكتب في كبرى المجلات الدينية والعلمية والأدبية في مصر وغيرها من بلاد الإسلام والعروبة وألقى الكثير من المحاضرات، وحضر الكثير من الندوات العلمية. كما قام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فأذاع في الإذاعة المرئية والمسموعة في مصر، وفي المملكة العربية السعودية، وفي العراق وفي السودان. واهتم بالتأليف في القرآن الكريم وعلومه، والسنة النبوية المشرفة وعلومها والفقه والتشريع والسيرة النبوية والرد على المستشرقين، والمبشرين والملحدين. كما كوَّن مدرسة علمية من طلابه ومريديه تعني بالقرآن وعلومه، والسنة وعلومها، في مصر وغيرها من البلاد الإسلامية والعربية. وله العديد من المؤلفات الثمينة، منها ما هو مخطوط مثل توفيق الباري في شرح صحيح البخاري وألفه على خمسة عشر مجلدا ولم يطبع إلى الآن. ومن مؤلفاته المطبوعة، أعلام المحدثين، والسيرة النبوة في ضوء القرآن والسنة، وفي أصول الحديث، وعلوم الحديث، ودفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين، وشرح المختار من صحيح مسلم، ورسالة في الإسراء والمعراج، وفي رحاب الكتب الستة. وغيرها. توفي رحمه الله في أيام عيد الفطر المباركة في صبيحة يوم الجمعة 5 شوال 1403هـ، عن عمر يناهز تسعة وستين عاما، وصلى عليه جمع غفير من علماء الأزهر وطلابه.