محب الدين الخطيب

محب الدين بن أبي الفتح بن عبد القادر بن صالح بن عبد الرحيم بن محمد الخطيب

والملقب بـ

هو محب الدين بن أبي الفتح بن عبد القادر بن صالح بن عبد الرحيم بن محمد الخطيب، ولد في حي القيمرية بدمشق في سنة 1303هـ/1886م، أصل أسرته من بغداد من ذرية الشيخ عبد القادر الجيلاني، ولقد هاجرت أسرته إلى حماة في بلاد الشام، ونزح فرع منها إلى قرية عدرا، وفريق إلى مدينة دمشق، وهو خال الشيخ علي الطنطاوي، نشأ في أسرة دينية، ذات علم، فقد كانت أمه صالحة ذات فضل، توفيت في الفلاة بين مكة والمدينة بريح السموم، وكان محب الدين صغيرا في حجرها ساعة موتها، كفله والده ليعوضه حنان الأم، وعند رجوعه إلى دمشق من رحلة الحج ألحقه والده وهو في السابعة بمدرسة الترقي النموذجية، وحصل منها على شهادة إتمام المرحلة الابتدائية بدرجة جيد جدا، ثم التحق بمدرسة مكتب عنبر، وبعد سنة توفي والده، ورأت أسرته أن يترك المدرسة، فتركها ولازم العلماء، وكان في هذه الفترة الشيخ طاهر الجزائري مشرفا على المكتبات والمدارس وكانت بينه وبين أبي الفتح الخطيب صلة ومودة وإخاء، فلما علم بموت والد محب الدين احتواه، وعطف عليه، ووجهه نحو العلم لينهل منه، ويتضلع من مشاربه، وغرس فيه حب قراءة التراث العربي الإسلامي، وبث فيه حب الدعوة إلى الله، و أوصاه بالتردد على العلماء: أحمد النويلاتي، وجمال الدين القاسمي، ومحمد علي مسلم. في هذه الفترة المبكرة تفتحت آفاق التفكير العلمي عند محب الدين الخطيب، وانتفع بما تلقاه في المدرسة من علوم كونية، وأضاف إليها مطالعاته المتواصلة في دار الكتب الظاهرية، واطلاعه على المجلات الكبرى في عصره: المقتطف، والهلال، والضياء. في هذه الفترة كان يبث أفكار شيخه الجزائري، ويكتب المقالات العلمية والقطع الأدبية التي يعربها من التركية، ويرسل بها إلى صحيفة ثمرات الزمان في بيروت. بعد أن أنهى دراسته الثانوية عام 1906م في بيروت، انتقل إلى إسطنبول والتحق بكليتي الآداب والحقوق، فانتخب الشيخ محب الدين الخطيب من الشباب العرب طائفة أقنعها بوجوب تعلم لسان العرب، وبعد فترة أسسوا "جمعية النهضة العربية"، واختير الشيخ للعمل في اليمن وانتقل إليها، ثم لما أعلن الدستور العثماني سنة 1908م رجع إلى دمشق، وشارك في تحرير جريدة هزلية "كار الخرج". وسافر الشيخ محب الدين إلى بيروت، فأمرت الحكومة بملاحقته، فانتقل إلى القاهرة، وهناك شارك في جريدة المؤيد، وفي سنة 1913م أسس الشيخ محمد رشيد رضا مدرسة الدعوة والإرشاد فدرس فيها الشيخ محب الدين، وعندما قامت الحرب العالمية الأولى وأعلنت الثورة العربية الكبرى طلبه الشريف الحسين بن علي برقيا فسافر إلى مكة فأسس المطبعة الأميرية، وأصدر جريدة القبلة الناطقة باسم حكومة الحجاز، ثم عاد إلى دمشق، وأنيطت به إدارة وتحرير الجريدة الرسمية للحكومة باسم العاصمة، ثم غادر دمشق إلى مصر واستقر في القاهرة حيث عمل في تحرير جريدة الأهرام لفترة، وهناك أسس المكتبة السلفية ومطبعتها، وقام بطباعة الكتب السلفية، ونشر كثيرا منها، إذ جعل ينشر فيها من كنوز التراث الإسلامي عشرات الكتب، ويطبع فيها رسائل من تأليفه وتأليف كبار العلماء والمفكرين، فنشر كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، ودفاعه عن الصحابة ورد الشبهات عنهم، ونشر كتاب فتح الباري مع تعليقات الإمام ابن باز. كما أصدر الشيخ مجلة الزهراء، وهي مجلة أدبية اجتماعية، ثم أسس جريدة الفتح، ثم تولى تحرير مجلة الأزهر. كان محب الدين الخطيب صاحب فكرة تأسيس جمعية الشبان المسلمين، وأحد مؤسسيها البارزين، وأمين سرها.ترك الخطيب مؤلفات إسلامية عدة، منها: توضيح الجامع الصحيح للإمام البخاري – شرح صغير، مع الرعيل الأول - عرض وتحليل لحياة الرسول مع أصحابه، حملة رسالة الإسلام الأولون، من الإسلام إلى الإيمان، اتجاه الموجات البشرية في جزيرة العرب، الإسلام دعوة الحق والخير، الخطوط العريضة التي قام عليها دين الشيعة الاثني عشرية، وغيرها. وقد طبع كتاب الأدب المفرد للبخاري مع تخريج أحاديثه، وكذلك طبع فتح الباري بشرح البخاري لابن حجر، وما نشر كتابا إلا وكتب مقدمة علمية عن المؤلف وعن الكتاب. ثم هناك المئات من المقالات التي كتبها في موضوعات شتى خلال عمره المديد في الزهراء والفتح والأزهر وغيرها من الصحف والمجلات، وتعليقاته الرائعة على كتاب العواصم من القواصم لابن العربي المالكي وهي أكبر وأهم من الكتاب، وتعليقات على كتاب المنتقى من منهاج الاعتدال للذهبي، وتعليقات على مختصر التحفة الإثني عشرية للألوسي، وتعليقات مفيدة على كتاب الإكليل للهمداني.وقد انزوى الشيخ في آخر حياته في مكتبته وقطع صلته بالناس وانكب على التأليف والتحقيق، وكانت نزهته يوم الجمعة حيث يذهب إلى سوق الكتب المقام على سور حديقة (الأزبكية) في القاهرة ويشتري الكتب المختلفة، وقد ثابر على هذه العـادة إلى ما قبيـل وفاته. توفي الشيخ سنة 1389هـ بمستشفى الكاتب بالدقي في مصر. رحمه الله رحمة واسعة.

كتب المصنف في الموقع