هو الأستاذ والدكتور سعيد عبد الفتاح عاشور مؤرخ مصري وأكاديمي، له أكثر من عشرين كتابا في تاريخ أوروبا العصور الوسطى والتاريخ العربي الإسلامي.ولد سعید عبد الفتاح عاشور في حي الروضة بالقاهرة في یوم 30 یولیو 1922م بعد ثلاث سنوات فقط من اندلاع ثورة 1919م ضد الاحتلال البريطاني لأرض الكنانة، وقد نشأ في أسرة علمية إذ إن والده الدكتور عبد الفتاح عاشور الأستاذ بكلية دار العلوم (جامعة القاهرة)، وكان لوالده الأثر البالغ في تكوین شخصيته من خلال كونه ابنا لأستاذ جامعي بارز، فنشأ في بيئة محافظة لأسرة مصرية من الطبقة الوسطى وهي الطبقة التي كان ينتمي إليها رجال التعليم وموظفي الحكومة والمهنيين في ذلك الوقت. أظهر سعيد عاشور نبوغا وجدية وكان من أوائل الخريجين في جميع مراحل التعليم التي تدرج فيها حتى نال شهادة التوجيهية (الثانوية العامة) عام 1940م. التحق بكلية الآداب واختار دراسة التاريخ حيث تتلمذ على أيدي زمرة من أعلام وشوامخ مؤرخي مصر. وفى عام 1944م حصل على شهادة الليسانس بتقدير جيد جدا، وسجل رسالته لدرجة الماجستير بعنوان "قبرص والحروب الصليبية" تحت إشراف الأستاذ الدكتور محمد مصطفى زيادة. وباختياره موضوع تلك الرسالة ربط حياته ومستقبله بالدراسة والبحث في العصور الوسطى والحروب الصليبية والتي استأثرت بأهم وأضخم مؤلفاته في سنوات لاحقة. سافر إلى العراق عام 1946م حيث قضى عامين كمساعد لأستاذه الدكتور محمد مصطفى زيادة الذي كان قد أنتدب مع ثلاثة من الأساتذة المصريين لوضع أسس أول جامعة في بغداد. وفى عام 1949م حصل على درجة الماجستير بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف، وهو نفس العام الذي رزق فيه بأول مولود له. واصل دراسته العليا حتى حصل على درجة الدكتوراه مع نفس الأستاذ عام 1955م بتقدير ممتاز وكان موضوعها "الحياة الاجتماعية قي مصر في عصر سلاطين المماليك"، ثم عين الدكتور سعيد عاشور مدرسا لتاريخ العصور الوسطى بقسم التاريخ بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول (القاهرة).ترأس عاشور وعمل أستاذا لكرسي العصور الوسطى لعدة عقود في أقسام التاريخ بالجامعات العربية مثل جامعة القاهرة، وجامعة بيروت العربية، وجامعة الكويت وجامعة بغداد وجامعة الجزائر وجامعة السلطان قابوس وجامعة كمبردج وغيرها. حاضر وأشرف على الأبحاث، وعمل أستاذا زائرا في العديد من الجامعات المصرية والعربية والبريطانية. أجمع المؤرخون العرب في مؤتمرهم الكبير الذي عقد عام 1991م في القاهرة على انتخابه رئيسا "لاتحاد المؤرخين العرب مصر"، وهو المنصب الذي ظل يحتفظ به بإجماع الأعضاء الذين لقبوه بشيخ المؤرخين العرب حتى اعتزاله وتقاعده لظروفه الصحية العام 2005م.يدين المشتغلون بالتاريخ في مصر والعالم العربي للأستاذ الدكتور سعيد عبد الفتاح عاشور بما قدمه خلال خمسة وثلاثين عاما من كتب ومؤلفات وبحوث ودراسات وتحقيقات في تاريخ العصور الوسطى أثرت المكتبة التاريخية العربية، وفتحت آفاقا جديدة لجميع المشتغلين في هذا الميدان.وإذا كان في عطائه العلمي في مجال البحث التاريخي وتحقيق النصوص لم يقف عند حد، فلقد كان سلوكه الشخصي يصدر عن قيم جامعية أصيلة، ومثل أخلاقية عالية. عرفه تلاميذه قي قسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة القاهرة وفي غيرها نموذجا مشرفا للعالم المعلم، وتخرج على يديه في مصر والكويت ولبنان والعراق والمملكة العربية السعودية والسودان والجزائر والمملكة المتحدة آلاف الدارسين الذين اقتبسوا من علمه وخلقه، وأفادوا من بحوثه وكتبه ودراساته.يرى تلاميذه أنه كان "صاحب مدرسة متميزة في تاريخ العصور الوسطى"، حيث عدل عن منهج السرد التاريخي الذي كان سائدا قبله، واهتم بالبحث والتحليل للروايات التاريخية والكشف عن طبيعة العلاقات بين الشرق والغرب في العصور الوسطى، وهو ما يبدو جليا في مؤلفاته، منها: أوروبا العصور الوسطى (جزءان)، الحركة الصليبية (جزءان)، الظاهر بيبرس، الناصر صلاح الدين، السلوك لمعرفة دول الملوك (تحقيق ونشر)، كنز الدرر (تحقيق ونشر)، مصر والشام في عصر الأيوبيين والمماليك، العصر المماليكي، المجمع المصري في عصر سلاطين المماليك، الأيوبيون والمماليك في مصر والشام، تاريخ أهل عمان، المدنية الإسلامية وأثرها في الحضارة الأوربية، وغيرها الكثير من الكتب.أما عن بحوثه المنشورة في الدوريات والمجلات العلمية أو المؤتمرات المحلية والدولية فقد بلغت أكثر من أربعين بحثا أثرت الدراسات الخاصة بتاريخ العصور الوسطى وفتحت آفاقا جديدة في دراسة تلك الفترة متحررة من الآراء والأفكار النمطية للمستشرقين الأجانب. وللمؤرخ الكثير من المعلمين، مثل: حسن إبراهيم، ومحمد مصطفى زيادة، وعزيز سوريال، وزكى على، ومحمد شفيق غربال، ومن المستشرقين جوجيه ودايتون، وغيرهم. توفي سعيد عبد الفتاح عاشور في 10 سبتمبر سنة 2009م. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.