هذا الكتاب في علوم القرآن من تأليف العلامة ناصر سليمان العمر وهو علامة وشيخ جليل، رئيس الهيئة العالمية لتدبر القرآن. والكتاب من سلسلة اصدارات ديوان المسلم. وكان تأليفه لهذا الكتاب ثمرة سعيه لإنجاح (مشروع تدبر)، والذي تعاون عليه هو والشيخ الدكتور عمر بن عبد الله المقبل. وهذا المشروع يعني بتدبر المؤمن للقرآن الكريم ويعظم أهمية ذلك، وقد بذلوا فيه جهدا كبيرا بالتعاون مع عدد من الزملاء، وما لبث أن أصبح المشروع واقعا عبر مركز (تدبر) في المملكة خلال عدة سنوات فقط. وما زال المشروع في نمو إلى أن يصبح رسالة للعالم أجمع بإذن الله، يهدفون به إلى تطبيع التدبر كما هو حال الحفظ والتجويد في الأمة. وفي سبيل ذلك المشروع النبيل، كانت محاضرات المؤلف في مسجد قباء بالمدينة المنورة عام 1438هـ، بعنوان (ليدبروا آياته)، وكانت تلك المحاضرات مسجلة، ولاقت انتشارا واسعا بفضل الله، حتى أذيعت في إذاعة القرآن الكريم لسنتين متتاليتين خلال شهر رمضان المبارك. ثم طلب من الشيخ ضمها في كتاب، فأتم جمعها وتنقيحها وإعادة ترتيب موضوعاتها؛ فكان هذا الكتاب الذي بين يدينا. والكتاب يتكون من ثلاث فصول أساسية، بعد المقدمة والفصل التمهيدي الذي ينوه بالعلاقة الوثيقة بين القرآن والإيمان، ويذكر فيه نبذة عن مشروع (تدبر). والفصل الأول من هذا الكتاب هو وجوب تعظيم القرآن الكريم، ويأتي تحته ثلاث مباحث أساسية، وهي تعظيم الله ورسوله والصالحين للقرآن، وأحكام تعظيم القرآن الكريم، ومن تعظيم القرآن الكريم عدم هجره، ويأتي تحت تلك المباحث العديد من المسائل المتعلقة به بالتفصيل. أما الفصل الثاني فهو وجوب تلاوة القرآن الكريم وتدبره، وفي بداية ذلك الفصل يتكلم المؤلف عن معنى التلاوة وما يتعلق بها من الألفاظ في المبحث الأول، ثم معنى التدبر وما يتعلق به من الألفاظ والمعاني، وثالثا أسباب التدبر وموانعه. والفصل الأخير هو ثمرات التدبر وآثاره ويضم أيضا عدة مباحث، وهي: ثمرات تدبر القرآن على صعيد بناء الفرد المسلم، وينبثق من هذا المبحث ثمرات تدبر القرآن على خلق المسلم، وإدراكه، وواقع حياته، وغير ذلك، أما المبحث الثاني من هذا الفصل فهو ثمرات تدبر القرآن على صعيد نهضة الأمة الإسلامية، ويضم ذلك النهضة الدنيوية والدينية، وعلاقة التدبر بالنهضة للأمة الإسلامية، والسمات التي تتميز بها نهضة الأمة الإسلامية، وغير ذلك من المسائل، ثم خاتمة الكتاب. وانتهج المؤلف في هذا الكتاب نهجا أقرب للأكاديمي من حيث التسلسل والترتيب. أما رسالة المؤلف من هذا الكتاب فتأتي متجاوبة مع المسار الطبعي الفطري الذي يمر به الإنسان عندما تبلغه رسالة من إنسان عزيز عليه وذي مكانة عظيمة في نفسه، فإنه يعظمها ابتداء ويدفعه هذا التعظيم إلى قراءتها بتدبر ليطلع على مضمونها، ومن ثم يبدأ في الاستفادة مما في تلك الرسالة من المعاني التي تبدأ ثمراتها وآثارها تظهر في حياته شيئا فشيئا. ويتميز الكتاب بسلاسة اللغة والوضوح في إيصال المعلومة، غير أن البعض وجد في التكرار والاستطراد والخروج عن السياق في بعض النقاط أمرا مشتتا أحيانا.