المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز
ابن عطية
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز
نبذة عن الكتاب

ظل هذا الكتاب حبيسا في مخطوطاته قرابة ألف عام إلا قليلا رغم كونه من أجود كتب التفسير وأثمنها؛ يقول عنه ابن تيمية: "تفسير ابن عطية خير من تفسير الزمخشري وأصح نقلا وبحثا وأبعد عن البدع... بل هو خير منه بكثير، بل لعله أرجح هذه التفاسير" ذلك أن ابن عطية لم يتجه في تفسيره إلى أسرار البلاغة القرآنية ولم يكثر من إيراد وجوه الإعجاز البياني كما فعل الزمخشري. ويقول عنه ابن خلدون: "لما رجع الناس إلى التحقيق والتمحيص، وجاء أبو محمد عبد الحق بن عطية من المتأخرين بالمغرب، فلخص تلك التفاسير كلها، وتحرى ما هو أقرب إلى الصحة منها". وللكتاب قصة؛ فابن عطية كان أبوه عالما وقاضيا وكذلك كان ابن عطية الذي توجه للتفسير من أول حياته وبقي يؤلف هذا الكتاب حتى شاب ثم أخرجه للناس، لذلك فإنه يذكر أحيانا في كتابه: "قال أبي" (وهو حي حال كتابة هذا الموضع) و"قال أبي رحمه الله" يعني أنه كتب هذا الموضع بعد وفاة أبيه، بل إن فيه من اللطائف أن والده رحمه الله من حرصه على إتمام ابن عطية كتابه يوقظه أحيانا من نومه ويقول له ضع هذه الفائدة في تفسير قوله تعالى كذا وكذا.. فعاش معه عمره، وحرره تحريرا بالغا؛ ومن ثم يعد من كتب التفسير المتوسطة والمتقدمة في ذات الوقت؛ ففيه ظهرت ملكة ابن عطية النقدية والحديثية والفقهية. ويقول ابن عطية وهو مالكي المذهب أنه نظر في العلوم وأراد أن يختار علما يفرغ فيه جهده فوجد أن علم التفسير هو أوسع العلوم لتوظيفه كل العلوم في خدمته فجاء تفسيره جامعا لعلوم الأصول والحديث والفقه واللغة والقراءات دون أن يطغى جانب على آخر، ودون أن يطيل إطالة مملة، وبهذا أجاد وأفاد. وقد وضع لنفسه منذ البداية منهجا واضحا إذ رجع في كل علم استشهد منه بطرف إلى أهم مصادره الأصلية فيذكر آراء المؤلفين والعلماء وينسب الرأي لصاحبه ثم يناقش الآراء إن لم يكن موافقا عليها ويثبت ما يراه فيها من صحة أو ضعف. كما رأى ابن عطية أن يسقط القصص التي ملأت كتب المفسرين قبله مما لا سند لها، يقول: "لا أذكر من القصص إلا ما لا تنفك الآية إلا به". فابن عطية بهذا باحث علمي يحقق ويدقق ويختار صحيح الروايات ويترك ضعيف الأسانيد، مع التنظيم والتنسيق وحسن العرض وعمله في زمنه عمل جدير بالتقدير. ورغم كون ابن عطية أشعري المعتقد إلا أن أشعريته لا تبدو بجلاء في تفسيره ويدركها طالب العالم بسهولة من التعليقات على المواطن المختلفة.