هو الكتاب الخامس من سلسلة العقيدة في ضوء الكتاب والسنة، وهي السلسلة المباركة التي صنفها المؤلف استجابة لطلب أحد تلامذته النجباء. وذكر الشيخ أنها تميزت بالحرص على إحياء العقيدة في القلوب باستقائها مباشرة من نصوص الكتاب والسنة لتربي جيلا كالرعيل الأول والذي غيّر الله به مسار التاريخ الإنساني كله. ولهذا الموضوع تحديدا - موضوع اليوم الآخر - أهمية بالغة في تقويم مسار الإنسان، والرقي بحياته في كافة المناحي إلى أعلى درجات الكمال الإنساني، ولما كان الحديث فيه غيبا لا يستطيع العقل تبيين تفاصيله بدون وحي، حرص المصنف على الاقتصار على النصوص الثابتة من السنة إضافة لآي الكتاب. ولقد اختص المصنف هذا الركن بشيء من التفصيل، آل به أن يفرد كل قسم من الأقسام الثلاثة لهذا الموضوع الجليل في كتاب مستقل؛ القيامة الصغرى، القيامة الكبرى، والجنة والنار.وقد قسم المصنف الكتاب الأول منهم "القيامة الصغرى وعلامات القيامة الكبرى" إلى مقدمة وبابَيْن رئيسين؛ القيامة الصغرى، وأشراط الساعة.أما المقدمة، فقد تناول فيها أهمية هذا الركن والمنهج الذي اتبعه في هذا الكتاب، وقدّم لمباحث الكتاب وموضوعاته.وأما الباب الأول "القيامة الصغرى" فقد قسَّمه إلى خمسة فصول:في الفصل الأول "تعريف وبيان" ذكر التعريفات الثلاثة المترادفة "القيامة الصغرى - البرزخ - الموت" وتكلم عن حتمية الموت مع جهل أوانه.وفي الفصل الثاني "الاحتضار" تحدث عن كل ما يعالجه المرء عند الاحتضار من سكرات وحضور الملائكة وفتنة الموت، كما ذكر أسباب سوء الخاتمة.وفي الفصل الثالث "رحلة الروح إلى السماء"، تحدث عن مصير روح المؤمن وروح الكافر بعد خروجها مباشرة. وفي الفصل الرابع "القبر"، ذكر عذاب القبر ونعيمه، صفته، أسبابه، ما ينجي منه، وبعد أن انتهى من ذكر مباحث هذا الموضوع، أفرد مبحثا كاملا لعظة الموت، كي يدكر الإنسان ويعمل لهذا اليوم الجليل.والفصل الخامس "الروح والنفس"، تحدث عن كل ما يتعلق بالروح، حقيقتها ومآلها وتعلقها بالبدن في الحياة وبعد الممات، وعلام يقع النعيم أو العذاب بعد الموت.أما الباب الثاني "أشراط الساعة"، فقد قسَّمه إلى خمسة فصول أيضا: في الفصل الأول "وقت الساعة"، تحدث عن حتميتها وأنها قريبة، وأنه لا ينبغي الاشتغال بمعرفة وقتها، بل بالاستعداد والتزود لها، وما الحكمة من إخفاء وقتها، وبعض الشبهات التي قد تثار حول البحث في أشراطها. وفي الفصول الثاني والثالث والرابع تناول علامات الساعة؛ ما وقع منها (مثل بعثة الرسول ﷺ، وانشقاق القمر)، وما وقع ويمكن أن يتكرر (مثل الفتن والحروب وانحراف المسلمين وتداعي الأمم)، وما لم يقع بعد (مثل إخراج الأرض كنوزها وفتنة الأحلاس وخروج المهدي).أما الفصل الخامس والأخير من هذا الباب "العلامات الكبرى"، تناول كل علامة في مبحث مستقل بترتيب وقوعها؛ فايتدأ بالدخان ثم الدجال ونزول عيسى عليه السلام حتى طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة وأخيرا النار التي تحشر الناس إلى محشرهم.والكتاب يعد من أجمع الكتب التي تحدثت عن هذا الموضوع بشكل وافٍ، ويمتاز بالسهولة واليسر وكذا حسن التقسيم والترتيب. ويمتاز المؤلف باقتفائه منهج أهل السنة والإكثار من الأدلة. ويقتصر المصنف في التخريج على العزو المختصر إلى كتب السنة مع إيراد تصحيح الأئمة وتضعيفهم للحديث، وقد أكثر من الاستدلال من الصحيحين أو أحدهما. وفي الهوامش يذكر تعقيبات هامة ومفيدة، وإسقاطات هامة متعلقة بالموضوع الذي يتناوله. والكتاب مناسب للمبتدئين، ولعله امتاز عن سابقِيه بكثرة الموعظة المناسبة لموضوع الكتاب حيث أسهب في ذكر أحوال السابقين وآثارهم، كما أفرد كثيرا من المباحث لما ينبغي للمسلم أن يتدبر شأنه فيه، حتى ينجو من الأهوال التي ستقابله. وهو ما يميز هذا الكتاب - كما السلسلة بجملتها - بدمج الأمور العلمية الاعتقادية بما تستلزمه من العمل، حتى لا تتحول في حس المسلم لمعلومات فاترة يحفظها عن ظهر قلب ولا تغير شيئا في حياته الواقعية، أو أن يعد الكلام في مثل هذه المواعظ البليغة نوعا من الرقائق لها مرتبة أدنى في الدين من علم العقيدة وإنما هو مرتبط بها ومستلزم لها لا ينفك عنها. وهذا هو أسلوب القرآن في تناول قضايا الاعتقاد.