الكتاب ألفه ضابط تركي سابق آثر عدم الكشف عن اسمه، لأنه في القانون التركي يسمح لك بالخوض في الذات الإلهية لكن القانون يمنعك من التحدث بما لا يليق مع الذات الكمالية. وهو قانون غريب في بلد يدعي الديمقراطية ويكمم الأفواه في آن.. حسب تصريحات الضابط السابق. والكتاب يكشف الستار عن أسرار وفضائح مؤسس تركيا الحديثة - مصطفى كمال أتاتورك - الذي يعتبر رمزا أسطوريا لكثير من الأتراك حتى يومنا هذا، حيث يلقب "بأتاتورك" والتي تعني باللغة التركية "أبو الأتراك"، ومن هنا جاءت تسمية الكتاب بالصنم.. صنما مقدسا حيا وميتا. وقد جاءت التسمية مقابلة لاسم الكتاب الذي يمجد أتاتورك إلى حد التقديس كتبه أحد المتزلفين وهو "الرجل الأوحد" لشوكت ثريا. ويقع الكتاب في مقدمة وتسعة فصول؛ يسرد خلالها تاريخ هذا الرجل تحت عناوين جذابة؛ في طريق سامسون - ماض على الأمواج، من جامع لاله باشا إلى جامع حاجي بيرام، مجلس الأمة التركي، معارك الاستقلال - أصوات العربات الزراعية، عهد الجمهورية، المنجزات الثورية أو عملية قتل جذور الأمة التركية، جانكايا - بؤرة الرذيلة والفضيحة والجناية، دونمة باغجه - المستقر الأخير للصنم، التابوت الرصاصي والأعلام ذات الصلبان المنكسة تحت الأرض. ويختم بصور لبعض مشاهير الأشخاص الذين وردت اسماؤهم في الكتاب.إن مقدمة المترجم لا تقل حماسة عن مقدمة المؤلف، فهو يقدم للكتاب باعتباره ثورة على الفكرة السائدة التي خدعوا بها الشعوب وخدروها بتمجيد أبطال زائفين أمثال أتاتورك وستالين ونحوهما. ويعدد فيها ما هو معروف من جهود أتاتورك في طمس الهوية الإسلامية. وينقل فيها الوثيقة البريطانية التي يصرح كاتبها بترشيح أتاتورك وهو على فراش الموت السفير البريطاني لرئاسة الجمهورية التركية خلفا له وهو على فراش الموت. ورغم أن مثل هذه الواقعة مثيرة للاستغراب والتعجب إلا أن جميع ما في الكتاب من نقولات عن محبي أتاتورك وممن خلدوا ذكراه فذكرو من حيث لا يشعرون ما يدينه ويثبت الاتهامات التي لحقته حتى الثمالة. أما مقدمة المؤلف فيبدؤها بتقرير كونه رجلا متمسكا بالإسلام وبالتالي فإنه يمتلك حق تناول موضوعه بنظرة إسلامية صرفة، ولا تعارض بين هذا المنهج وبين الموضوعية والمصداقية في شيء. فالمؤلف لا يفتري على أتاتورك ولا يزور الحقائق وإنما يذكرها ويسميها باسمها كما هي في ميزان الإسلام. وهو يتنبأ بالدعاوى والافتراءات التي ستلحقه من قبيل التعصب والتحامل ونحو ذلك مما نقرؤه فعلا عند مطالعة آراء الناس في كتابنا هذا. ويسهب الكاتب في مسألة نسب وأصل أتاتورك، والذي يكاد أن يجزم معه بأنه ابن سفاح، وليس بتركي، ويرجح أن يرجع أصله إلى يهود الدونمة. وقد انتقد المؤلف على الاهتمام بهذه النقطة، بالرغم من أهمية النسب في ميزان الإسلام وفي عرف كل الشعوب لا سيما العرب والترك! ويتطرق الكاتب إلى ما قام به أتاتورك من إجراءات لبناء تركية الحديثة، والتي هي في الحقيقة لم تكن تهدف إلا لطمس الهوية الإسلامية والسير بتركيا نحو العلمانية، فقد قام بإقفال العديد من المدارس الدينية، ومنع الأذان ولبس الطرابيش، ونزع الحجاب، واستبدل الكتابة اللاتينية بأحرف اللغة العربية. ويتحدث الكاتب عن ملذات وعربدة وسكر أتاتورك في سهراته الماجنة مع ضباطه وغيرهم، خدناته اللواتي اتخذهن وكان معروفا بمرافقتهن، حتى أصيب في آخر أيامه باعتلال كبده والذي قضى نحبه بسببه، ومحاولته البائسة في تسليم الحكم إلى السفير البريطاني عندما استدعاه في قصره في أواخر أيامه، والذي قوبل بالاعتذار من السفير آنذاك.وأخيرا فإن الكتاب يوفي للأمة التركية حقها وللجند التركي والشعب التركي حقهم إذ يظهر صفحات من بطولاتهم واستبسالهم في الدفاع عن الهوية الإسلامية واسم الخلافة، حتى ولو انخدع البعض بأتاتورك في دعوته للتحرر والاستقلال في أول أمره.