الرسالة
الشافعي
الرسالة
نبذة عن الكتاب

كتاب "الرسالة" للإمام المطلبي محمد بن إدريس الشافعي، الذي اجتمع له علم أهل الرأي وعلم أهل الحديث، فوصف بأنه (أفقه الناس في كتاب الله، وفي سنة رسول الله) كما قال أحمد بن حنبل، يعد ابتداء وضع علم أصول الفقه، كتبه الشافعي مرتين، ولذلك يعده العلماء في فهرس مؤلفاته كتابين: الرسالة القديمة، والرسالة الجديدة. أما الرسالة القديمة فالراجح أنه ألفها في مكة وهو شاب، إذ كتب إليه عبدالرحمن بن مهدي أن يضع له كتابا فيه معاني القرآن، ويجمع قبول الأخبار فيه، وحجة الإجماع وبيان الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة؛ فوضع له كتاب الرسالة، وقال علي بن المديني: (قلت لمحمد بن إدريس الشافعي: أجب عبدالرحمن بن مهدي عن كتابه، فقد كتب إليك يسألك، وهو متشوق إلى جوابك، فأجابه الشافعي، وهو كتاب الرسالة التي كتبت عنه بالعراق، وإنما هي رسالته إلى عبد الرحمن بن مهدي)، وأرسل الكتاب إلى ابن مهدي مع الحارث بن سريج النقال الخوارزمي ثم البغدادي، وبسبب ذلك سمي النقال. وكتاب الرسالة المعروف حاليا هو الكتاب الذي ألفه بمصر أما الرسالة القديمة فقد فقدت.والظاهر أنه ألف الكتب التي ألفها بمصر من حفظه، ولم تكن كتبه كلها معه.وقد أراد الشافعي رحمه الله بتأليفه هذا الكتاب أن يضع الضوابط التي يلتزم بها الفقيه أو المجتهد لبيان الأحكام الشرعية. وهو منقول إلينا برواية الربيع بن سليمان المرادي - أثبت الناس في الشافعي - وبخطه، كتبه في حياة الشافعي. والراحج أنه أملى كتاب الرسالة على الربيع إملاء. ويقع الكتاب في مجلد واحد تناول فيه الشافعي المسائل الأصولية مثل حديث الواحد والحُجَّة فيه، وشروط صحة الحديث وعدالة الرواة، وردّ الخبر المُرسَل والمُنقطِع، وغير ذلك من مسائل الأصول والترجيح، وتشكل مقدمة الرسالة الطويلة (مائة صفحة) قسما كبيرا من مادتها. والشافعي لم يسم "الرسالة" بهذا الاسم، إنما يسميها "الكتاب" أو يقول "كتابي" أو "كتابنا"، ويظهر أنها سميت "الرسالة" في عصره بسبب إرساله إياها لعبد الرحمن بن مهدي.وكتاب "الرسالة" أول كتاب ألف في "أصول الفقه"، بل هو أول كتاب ألف في "أصول الحديث" أيضا.يقول الفخر الرازي في مناقب الشافعي: (كانوا قبل الإمام الشافعي يتكلَّمون في مسائل من أصول الفقه، ويستدِلون، ويَعترِضون، ولكن ما كان لهم قانون كلي مرجوع إليه في معرفةِ دلائل الشريعة، وفي كيفيَّة مُعارضتها وترجيحاتها، فاستنبط الشافعي عِلمَ أصول الفقه، ووضع للخلق قانونًا كليًّا يُرجع إليه في معرفة مراتب أدلَّة الشرع، فثبت أن نسبة الشافعي إلى علمِ الشرع كنسبة أرسطو إلى علمِ العقل).وهذا الكتاب، بل كتب الشافعي أجمع، كتب أدب ولغة وثقافة قبل أن تكون كتب فقه وأصول، ذلك أن الشافعي لم تهجنه عجمة، ولم تدخل على لسانه لكنة، ولم تحفظ عليه لحنة أو سقطة. فكتبه كلها مثل رائعة من الأدب العربي النقي، في الذروة العليا من البلاغة، يكتب على سجيته، ويملي بفطرته، لا يتكلف ولا يتصنع، أفصح نثر تقرؤه بعد القران والحديث، لا يساميه قائل، ولا يدانيه كاتب.وقد ازدان الكتاب بتحقيق العلامة أحمد شاكر، حيث قدم له - وعنه نقلنا - وضبط نصه ووضع فهارسه ورد على شبهات بعض المنسوبين للعلم أو الثقافة المعاصرة كالدكتور زكي مبارك، وعلق كثيرا من التعليقات على نص الكتاب حيثما دعت الحاجة.