هو الكتاب الرابع من سلسلة العقيدة في ضوء الكتاب والسنة، وهي السلسلة المباركة التي صنفها المؤلف استجابة لطلب أحد تلامذته النجباء. وذكر الشيخ أنها تميزت بالحرص على إحياء العقيدة في القلوب باستقائها مباشرة من نصوص الكتاب والسنة لتربي جيلا كالرعيل الأول والذي غيّر الله به مسار التاريخ الإنساني كله. وقد جمع المصنف في هذا الكتاب الموضوعين الكبيرين "الرسل" و"الرسالات" لما بينهما من تداخل يصعب به فصلهما في رسالتين مستقلتين.وقد قسم المصنف هذا الكتاب "الرسل والرسالات" تبعا لذلك إلى تمهيد وبابَيْن رئيسين؛ باب لموضوع الرسل وهو الذي استحوذ على الجزء الأكبر من الكتاب نظرا لتضمنه أيضا الكثير من مباحث موضوع الرسالات، والباب الثاني للحديث عن باقي مباحث الرسالات.أما التمهيد، فقد ذكَّر فيه بالهدف من هذه السلسلة، وقدّم لمباحث الكتاب وموضوعاته.وأما الباب الأول "الرسل والأنبياء" فقد قسَّمه إلى ثمانية فصول:أما الفصل الأول "تعريف وبيان" ذكر تعريف النبي والرسول والفرق بينهما، ومن هم الأنبياء وكيف عرفناهم، وبعض الأحكام المتعلقة بالأنبياء.وفي الفصل الثاني "حاجة البشرية إلى الرسل والرسالات" ذكر فيه أن هدي المرسلين إنما هو نور الحياة وروحها وأن اغترار الإنسان عبر القرون بعقله كان سببا في شقائه وضياعه، وتناول المجالات التي هي من اختصاصات العقل وحدوده، وموقع العقل من الوحي.وفي الفصل الثالث "وظائف الرسل ومهماتهم"، تناول ما كلف الله به أنبياءه ورسله من مهام دعوية وتربوية واجتماعية وسياسية. وفي الفصل الرابع "الوحي"، كيف يأتي؟ ومقاماته وأنواعه وبشائره وآثاره.والفصل الخامس "صفات الرسل"، تناول فيه الصفات المشتركة بين كل الأنبياء مثل بشريتهم وبلوغهم أعلى أنواع الكمال البشري، وما الذي تفردوا به عن سائر البشر.وفي الفصل السادس "عصمة الرسل"، تناول ما عصمهم الله منه وما لا يدخل في ذلك، ومثَّل على ذلك بأمثلة من الكتاب والسنة. وذكر ما خالفت فيه الفرق الضالة من ذلك. كما ذكر بعض الضالين الذين ادعى فيهم أتباعهم العصمة وسر ذلك.وفي الفصل السابع "دلائل النبوة" - وهو أطول الفصول الثمانية - استعرض خمسة أنواع رئيسة لدلائل النبوة، وهي الآيات والمعجزات التي أرسل الله بها رسله، وبشارات الأمم السابقة بالرسل اللاحقين لهم، وأحوال الأنبياء السامية في أقوامهم وصدقهم وزهدهم، وشمول دعوتهم وكمالها كمنهج للبشر، وختم بإدالة الله لهم على عدوهم وإهلاك المكذبين.وفي الفصل الثامن والأخير من هذا الباب "فضل الأنبياء وتفاضلهم"، ذكر اصطفاء الله لأنبيائه وتفضيله على سائر البشر، بل وتفاضلهم فيما بينهم، وأفضلهم محمد ﷺ ، كما ذكر ضلال من خالف في هذا الباب بتقديمه الأئمة على الأنبياء.أما الباب الثاني "الرسالات السماوية"، فقد قسَّمه إلى فصلين، في الفصل الأول "الإيمان بالرسالات"، وجوبه وكيفيته. وفي الفصل الثاني "مقارنة بين الرسالات"، ذكر ما اتفقت عليه جميع الرسالات وما تميزت به بعضها على بعض، وموقف الرسالة الخاتمة من سائر الرسالات.والكتاب يعد من أجمع الكتب التي تحدثت عن الرسل والرسالات بشكل وافٍ، ويمتاز بالسهولة واليسر وكذا حسن التقسيم والترتيب. ويمتاز المؤلف باقتفائه منهج أهل السنة والإكثار من الأدلة وكذا الإكثار من الإسقاط على الواقع وضرب الأمثلة الموحية. ويقتصر المصنف في التخريج على العزو المختصر إلى كتب السنة مع إيراد تصحيح الأئمة وتضعيفهم للحديث، وقد أكثر من الاستدلال من الصحيحين أو أحدهما. وفي الهوامش يذكر تعقيبات هامة ومفيدة، وإسقاطات هامة متعلقة بالموضوع الذي يتناوله. والكتاب مناسب للمبتدئين ولعله يحوي في بعض مباحثه ما يزيد قليلا عما يحتاجه المبتدئون؛ إلا إن اختصار الطرح لا يجعل لهذا الأمر كبير أثر في ملائمته لهم، وهو يعد إضافة للمكتبة الإسلامية ورائدا في هذا الطرح؛ حيث اقتصرت كثير من الأبحاث قبله وبعده على قواعد وجمل محكمة جافة غير ممتزجة بروح الإيمان النابضة، والتي هي من خصائص نصوص الكتاب والسنة الصحيحة وهما مصدري الوحي الرئيسين؛ ولعل كتاب الدكتور الصلابي "الإيمان بالرسل والرسالات" والذي صنفه بعد هذه الرسالة بنحو ثلاثين عاما، يقارب ما جاء في هذه السلسلة في كثير من موضوعاتها ولكن بشيء من التفصيل مع كثير من الاستشهادات العملية التربوية الهامة والنافعة للمسلم في حياته العملية وواقعه الدعوي، وكذا كثير من الاستشهاد بكلام المعاصرين.