هذا الكتاب القيم يعد مرجعا في بابه لمن أراد الرجوع إليه، فقد قام المؤلف الشيخ مصطفى العدوي الفقيه المحدث بجمع الكتاب وانتقائه استكمالا للخطة العامة التي بدأ فيها المؤلف من قبل، التي اعتنى فيها بجمع الأحاديث الصحيحة المسندة في الموضوعات المتنوعة، وهذا الكتاب الذي بين يدينا موضوعه أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة. ومما دفعه لوضع هذا الصحيح المسند أيضا كثرة تداول أحاديث الفتن على الألسنة، ورتبت جماعات أسسها على أحاديث منها، وأغلب هذه الأحاديث لا تكاد تثبت، والخطر الأعظم الذي نوه إليه المؤلف ونبه عليه هو التسرع في تنزيل هذه الأحاديث الضعيفة والواهية على الواقع دون تريث أو تعقل، مما يؤدي إلى نشوء الفتن وعظم الزلات والكبوات من أقوام صالحين يظنون أنهم يحسنون صنعا. ويبدأ المؤلف بالمقدمة التي ذكر فيها أسباب التأليف في هذا الموضوع ومنهجه في الانتقاء والجمع والتحقيق؛ ثم يشرع في تعريف الفتنة؛ ثم فصل فيما ابتلي به بعض من كان قبلنا النشر بالمياشير والتمشيط بأمشاط الحديد؛ ثم فتنة أصحاب الاخدود؛ ثم حديث الساحر والراهب والملك والغلام؛ ثم فوائد متعلقة بهذا الحديث؛ ثم ابتلاء نبي الله أيوب عليه السلام؛ ثم ماشطة بنت فرعون؛ ثم حديث الفتون الطويل؛ ثم بعض ما لقيه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من أذى المشركين؛ ثم أشد ما لقيه النبي صلى الله عليه وسلم من قومه؛ ثم إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بما كان وسيكون إلى قيام الساعة؛ ثم قول الله عز وجل {أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض}؛ ثم نزول الفتن؛ ثم إخبار النبي بافتراق أمته إلي ثلاث وسبعين فرقة؛ وغيرها من الموضوعات المتعلقة بالفتن وقيام الساعة وعلاماتها. وخطة المؤلف في هذا المصنف لا تختلف كثيرا عن باقي مؤلفاته التي هي على نفس النمط، فأولا مبدأ الاستقراء التام وهو المرور على كتب السنة المسندة بالجملة واستقراؤها حديثا حديثا وجمع ما يتعلق بالموضوع بصفة مبدئية، وثانيا تحقيق كل تلك الأحاديث التي قام بجمعها وانتقاء الصحيح منها وطرح الضعيف، والحكم على كل الأحاديث بما تستحق من صحة أو حسن، ثم ثالثا النظر في كتب العلل ومراجعة هل أعل حديث مما صحح سنده ام لا، ورابعا وضع أبواب مناسبة لكل حديث أو لكل مجموعة أحاديث، وخامسا إيراد بعض الشروح لكثير من الأحاديث التي تحتاج إلى شروح، وسادسا النظر في كتب اللغة لشرح بعض المفردات اللغوية التي تحتاج إلى شروح، وسابعا إيراد بعض الآيات التي تخدم الموضوع مع أقوال أهل العلم فيها وتحقيق الآثار الواردة في تفسيرها. أما في ترتيب الكتاب وموضوعاته فقد قام المؤلف بالالتزام بالترتيب الزمني، فأورد الفتن لمن كان قبل أمة النبي، ثم بعد ذلك بعض الفتن الواردة في زمن النبي والصحابة والتابعين، ثم متفرقات من أبواب الفتن، ثم المخرج من الفتنة، ثم الأشراط الصغرى للساعة، ثم الأشراط الكبرى، ثم الختام.