هذا الكتاب القيم من تأليف العلامة الشيخ صالح إبراهيم محمد البليهي، وهو حاشية على زاد المستقنع، وزاد المستقنع هو من أتقن المتون المتأخرة في المذهب الحنبلي، وأصل الكتاب هو كتاب المقنع للموفق ابن قدامة الإمام الحنبلي المجتهد، ثم اختصره الفقيه الحنبلي شرف الدين أبو النجا موسى بن أحمد الحجاوي المقدسي الصالحي، من أهل دمشق ومفتي الحنابلة وشيخ الإسلام فيها. فجاء المتن المختصر المعروف بزاد المستقنع في اختصار المقنع، مع حذفه لبعض المسائل نادرة الوقوع، والزيادة عليه بما دعت إليه الحاجة، مع عدم الالتزام بترتيب المسائل كما سردها الموفق ابن قدامة، فقد تجده يذكر بعض المسائل في غير الباب الذي ذكرها فيه الموفق أو يكون الموفق ذكرها في أول الباب ويضعها الحجاوي في أخره، وأيضا فإنه قد كرر الحجاوي بعضا من المسائل لدخولها في أكثر من باب مع عدم تكرار الموفق لها، وقد خالف الحجاوي الموفق في بعض اختياراته إذا لم يشر الموفق إلى أن هذا الرأي رواية في المذهب، هذا مع كون الحجاوي قد خالف في بعض المسائل المشهورة في المذهب عند المتأخرين فيما يقرب من اثنتين وثلاثين مسألة، والمتن نفسه خال من الأحاديث؛ لأن مقصوده هو ذكر المسائل الفقهية دون إكثار من الفروع إلا ما دعت إليه الحاجة، ودون ذكر للدليل ولا للتعليل، وهذا متن مهم جدا عند علماء الحنابلة. ولذلك كثرت عليه الحواشي والتعليقات.وحاشية البليهي اعتنى فيها بذكر الأدلة والحكم على الأحاديث وذكر مذاهب العلماء، وقد قال عنها الشيخ بكر أبو زيد في المدخل: "وهو حاشية نفيسة جدا حقق فيها ودقق، بسياق الدليل والتعليل وتصحيح المذهب في جُل مسائله، وبيان المختار وما عليه الفتوى، واعتنى بذكر اختيارات الشيخين ابن تيمية وابن القيم ". وقد سار فيها الشيخ على ترتيب المتن وهي أبواب الفقه المعروفة: ففي الجزء الأول من الكتاب من الطهارة وحتى الحج وانتهى إلى فصل في العقيقة، ثم في الجزء الثاني يبدأ من كتاب الجهاد، وينتهي عند باب الخلع وأحكامه، ثم الجزء الثالث الأخير يتضمن الأبواب من كتاب الطلاق وحتى كتاب الإقرار. وتضمنت الحاشية عدة أمور منها: ذكر الأدلة الشرعية سواء من كتاب الله تعالى أو سنة نبينا المطهرة، مع تخريجها، وهذا لكل حكم فقهي في جميع المسائل المذكورة في المتن. كما قام بذكر آراء أئمة المذهب الآخرين وموقفهم من المسألة من موافقة أو معارضة. كما ذكر المؤلف في مقدمته أنه نبه على سبع وثلاثين مسألة ليست هي المذهب. كما يذكر اختيارات الشيخ ابن إبراهيم والشيخ ابن باز والشيخ الخريصي. وتعد هذه الحاشية من أجل ما كتب في شرح المتن غير أن أهل العلم غالبا ما ينصحون المبتدئ بشرح الشيخ محمد العثيمين رحمه الله المسمى (الشرح الممتع) فهو مفيد جدا للمبتدي، ولا يستغني عنه المنتهي. ومن أفضل شروح المتن شرح الشيخ منصور البهوتي المسمى "الروض المربع".