هذا الكتيب هو الرسالة السادسة في سلسلة "رسائل إلى الشباب المسلم" للمفكر الإسلامي العملاق أنور الجندي، في إطار دراسة جامعة للإسلام وقضاياه الكبرى في العقد الأول من القرن الخامس عشر الهجري، إذ تجيء موجة التيارات الوافدة المطروحة في أفق الفكر الإسلامي لتمثل أخطر التحديات التي يتحتم معرفة أبعادها وحصارها وكشف زيفها ومقاومة تناميها وانتشارها في مناهج العلوم الإسلامية. وقد حفز الكاتب على هذه الدراسة ما يمر به الفكر الإسلامي من محنة كالتي مر بها في القرن الثالث الهجري، عندما ترجمت الفلسفات اليونانية ونشأت عنها عملية تغريب واسعة النطاق، استطاع علماء المسلمين حسمها بالكشف عن أخطاء مفاهيم الفلسفات الوافدة وتعارضها مع مفهوم الإسلام، كما كشفوا عن المذاهب الهدامة التي نشأت نتيجة هذه التيارات. قد ناقش المؤلف هذه القضايا من خلال ستة نقاط أو "حقائق أساسية" تمثل ركائز فهم الإسلام التي استهدفتها المخططات الوافدة بمحاولة إثارة الشبهات حولها وهدمها، وهذه الحقائق بينها الكاتب تفصيلا في كتيبه النافع، وهي تشكل صلب مادة الكتاب، وهي: تمزيق الوحدة الإسلامية بالدعوة إلى الإقليميات والقوميات وإثارة روح الشعوبية؛ هدم عقيدة التوحيد الخالصة عن طريق إشاعة نحل الوثنية والدهرية والباطنية والإلحاد والتصوف الفلسفي؛ هدم الثقافة الإسلامية الجامعة بالترويج لنظرية دارون، وبالدعوة إلى الفلسفة المادية والتفسير المادي للتاريخ؛ هدم مفهوم الإنسان عن طريق نظريات العلوم الإنسانية والاجتماعية (الأخلاق والنفس والاجتماع)؛ هدم مفهوم الشريعة الإسلامية بإثارة دعوات العلمانية والعقلانية وغيرها؛ زلزلة مفهوم عالمية الإسلام بالدعوة إلى وحدة الأديان القاديانية والبهائية. والكتاب - كسائر مؤلفات الجندي - ينضح بالرؤية الإسلامية الأصيلة والعاطغة الصادقة، وقد صيغت بأسلوب يتسم بالسهولة والوضوح، حيث يجمع المؤلف عصارة قراءاته من غير إحالات قد تشتت القارئ أو لا يتسع لها المقام، ولعل هذا عذره في خلو الكتيب من المراجع.