جمع الإمام النووي في هذا الكتاب جملة من الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها صاحب القرآن على نحو يحتاج إليه المبتدئ ولا يستغني عنه المنتهي، فصار الكتاب ذا شهرة واسعة في هذا الباب. وقد أوضح النووي رحمه الله الغرض من تصنيفه هذا الكتاب أنه رأى أهل بلده دمشق عازفين عن مطالعة المطولات التي كتبت من قبل في فضل تلاوة القرآن رغم كونهم مكثرين من الاعتناء بتلاوة القرآن تعلما وتعليما وعرضا ودراسة فرادى وجماعات، فدعاه ذلك إلى جمع هذا المختصر. وإيثارا للإيجاز فقد حذف أسانيده على صحتها عنده، فلا يذكر الضعيف إلا في بعض الأحوال، رغم إثباته تجويز بعض العلماء العمل بالضعيف في فضائل الأعمال، ولكنه اقتصر على الصحيح عنده، وكل ذلك تسهيلا لطلاب العلم في حفظه وكثرة الانتفاع به وانتشاره. وقد رتبه النووي على عشرة أبواب، افتتحها بفضل تلاوة القرآن وحفظه، ثم الترجيح بين القراءات، ثم إكرام أهل القرآن، ثم آداب معلمه، يليها آداب حملته، ثم جاء الباب السادس الذي يعدمعظم الكتاب ومقصوده وبه جل الآداب المتعلقة بالقرآن، ثم آداب الناس كلهم مع القرآن، ثم الآيات والسور المستحبة في أوقات وأحوال مخصوصة، ثم في كتابة القرآن وإكرام المصحف، وأخيرا في ضبط ألفاظ القرآن. ويلاحظ القارئ للكتاب أن المصنف بدأ كل فصل بالآيات والأحاديث وأقوال السلف الداعمة لموضوع الفصل، ثم يدرج القليل من شرحه وتعليقه على الموضوع. فعلى سبيل المثال يذكر الإمام في فصل آداب حامل القرآن من أدب أنه ينبغي أن يكون على أكمل الأحوال، وأكرم الشمائل، وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القُرآن عنه، وأن يكون متصوِّنَاً عن دنيء الاكتساب، شريف النَّفس، مُتَرَفِّعاً عن الجبَابِرة، والجُفاة من أهل الدنيا متواضعاً للصالحين، وأهل الخير والمساكين، وأن يكون مُتخشِّعَاً ذا سكينةٍ ووقار. وأردف ذلك بالآيات والأحاديث التي تثبت كلامه. وامتاز الكتاب كذلك بشرح غريب الأسماء واللغات في باب بمفرده في آخر الكتاب. إضافة إلى إثبات العديد من الفوائد والقواعد المهمة خلال أبواب الكتاب. وقد جاءت أغلب الأحكام في الكتاب على وفق مذهب المصنف مذهب الشافعي رحمه الله. وتعد أفضل نسخه هي النسخة المحققة بتحقيق شعيب الأرناؤوط.