هذا الكتاب هو ما جمعه الإمام شمس الدين الرملي رحمه الله وخطه بيده عن والده الشيخ شهاب الدين أحمد الرملي رحمه الله وهو أول شيوخه، لما رأى من أهميتها في المسلمين، وحاجتهم لمثل هذه الفتاوى، يقول الابن عن سبب جمعه لفتاوى والده في مقدمة كتابه: "فلما كانت الفتوى فرضا من فروض الكفايات لعدم الاستغناء عنها في وقت من الأوقات ولم تزل أعلام العلماء تجمع ما وقع لهم من الأصول النادرة والفروع الشاردة حتى صارت دواوين يرجع إليها عند تزاحم الآراء في المعضلات وبراهين يعول عليها فيرشح بها عواطل الأبواب في المطولات لما فيها من الفوائد التي لا تكاد توجد مسطرة إلا على الندور، وإن كان لها أشباه في الكتب المبسوطة فلا تلقى غالبا إلا في العثور حملني ذلك على جمع ما وجدته من فتاوى سيدي وشيخي ووالدي الشيخ الإمام والحبر الهمام خاتمة المتأخرين أحمد شهاب الدين الرملي الأنصاري الشافعي وها أنا أذكرها على ترتيب أبواب الفقه العبادات فالمعاملات فالمناكحات". وتعد هذه الفتاوى من أمهات كتب الفقه في المذهب الشافعي وأحد أهم كتب الفتاوى العامة. وقد تم عرض الفتاوى على طريقة السؤال والجواب مما يجعل المكلف يتناولها بشغف وتمعن ليكون ذلك أدعى للتطبيق وأكثر سهولة في معرفة الأحكام الشرعية. أما عن موضوعات الفتاوى فهي تدور بين فقه العبادات كالطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج، والمعاملات كالبيع والزكاة والقرض والرهن والحجر والحوالة والضمان والشركة والشفعة والغصب والعارية والإجارة والوقف والهبة واللقطة والوصايا والهبة ثم النكاح والطلاق والخلع وما يتصل بها، وأبواب الحدود في الردة والزنا والسرقة والقتل، إلى ما يتعلق بتفاصيل اليوم الآخر وعلامات وأحداثه، ثم ختم الفتاوى بالكلام عن الإمامة وتفاصيلها. وقد قرر جمع من متأخري فقهاء الشافعية أن من كان من أهل الترجيح في المذهب والقدرة على التصحيح يختار في فتواه ما يظهر ترجيحه من كلام الشيخين الرافعي والنووي، وأما من لم يكن أهلا لذلك فهو بالخيار بين أن يأخذ بترجيح ابن حجر أو الرملي. والعمل بترجيح ابن حجر هو قول شافعية حضرموت والشام والأكراد وداغستان وأكثر أهل الحرمين واليمن. والعمل بترجيح الرملي هو قول شافعية مصر وبعض أهل الحرمين واليمن. ولهذا عني متأخرو الشافعية بعد ابن حجر والرملي رحمهما الله بالمحاكمة بينهما والترجيح بين أقوالهما، وأفردوا لذلك كتبا ورسائل.