هذا الكتاب القيم من تأليف الفقيه الشافعي المحدث الحافظ المفسر المقرئ الأصولي المتكلم النحوي اللغوي الأديب الحكيم المنطقي الجدلي الخلافي النظار، تقي الدين السبكي، يلقب "بشيخ الإسلام وقاضي القضاة"، وهو والد الفقيه تاج الدين السبكي. وهذا الكتاب النفيس جمع فتاوى الإمام في الفقه الشافعي ومسائله، وآيات متفرقة وتفسيرها، وهذه الفتاوى والآيات غير ما خصه بالتصنيف فلم يذكر في هذا المصنف من الآيات والفتاوى إلا ما كان في مجامعيه أو بخطه في جزازات متفرقة أو على فتاوى موجودة في أيدي الناس، وبعضها وجد بخطه على ظهور كتبه. فهذا القدر هو الذي خُشي عليه الضياع فأراد العاملون على جمع المصنف جمع شمله في مجموع مرتب على الأبواب. ولم يُذكر شيئا مما خصه بالتصنيف إلا قليلا من مسائل مهمات صنف فيها رحمه الله. والكتاب يتكون من مجلدين تضم العديد من الأبواب المرتبة بحسب موضوعاتها، ويبدأ بترجمة للإمام، ثم مقدمة، وأول موضوعاته هو تفسير سورة الفاتحة؛ ثم تفسير عدد من الآيات المتفرقة تزيد على الخمسين موضعا؛ ثم يشرع في أبواب الفقه مرتبة على ترتيب الفقهاء، فيفتتحه بكتاب الطهارة؛ ثم كتاب الصلاة وما يتعلق بها من أحكام كاستقبال القبلة؛ وصلاة التطوع؛ وصلاة الجمعة، وفصول أخرى؛ ثم كتاب الزكاة؛ ثم كتاب الصيام؛ ثم كتاب الحج؛ ثم كتاب الضحايا؛ ثم كتاب البيع، ويضم أبوابا عدة في مسائله؛ ثم كتاب الإقرار؛ فكتاب الغصب؛ ثم كتاب القراض؛ ثم كتاب المساقاة؛ ثم كتاب إحياء الموات؛ ثم الوقف، وغيرها مما يتعلق بالبيوع وفقه المعاملات؛ ثم كتاب الفرائض؛ ثم كتاب الوصايا، والنكاح والهبة، والصداق، والطلاق؛ ثم كتاب الجهاد؛ ثم كتاب الإيمان؛ ثم كتاب الأقضية؛ وكتاب العتق؛ ثم باب جامع فيه مسائل متفرقة. وهذا المصنف جُمع من كلام الإمام منقولا من خطه حرفا حرفا، فإذا قيل: " قال الشيخ الإمام. . . " إلى: ". . . انتهى " فيكون ذلك كله كلامه نقل من خطه ولم ينقل عنه شيء بالمعنى بل بالعبارة، وكذلك إذا أُطلق وكذا المسألة فتكون منقولة من خطه، وما كان منسوبا إلى ولده الإمام تاج الدين عبد الوهاب فيتم التنبيه عليه في موضعه. وقد كثرت مصنفات الإمام منها ما هو مطبوع ومنها ما هو مخطوط، وكلها قيمة نفيسة، فقد قال عنه الحافظ أبو المحاسن الحسيني: "عني بالحديث أتم عناية وكتب بخطه المليح الصحيح المتقن شيئاً كثيراً من سائر علوم الإسلام، وهو ممن طبق الممالك ذكره ولم يخف على أحد عرف أخبار الناس أمره، وسارت بتصانيفه وفتاويه الركبان في أقطار البلدان، وكان ممن جمع فنون العلم.. مع الزهد والورع والعبادة الكثيرة والتلاوة والشجاعة والشدة في دينه." ولذلك كان من المهم جمع فتاواه وكلامه الذي لم يصنفه في كتاب جامع.