هذه مجموعة من الفتاوى صدرت عن شخصية لها مكانتها بين المسلمين لما كان يتصف به صاحبها من سعة في العلم وحدّة في الذكاء، ولما كان يتقلب فيه من أعمال كلها تشرف من قرب على مصالح المسلمين في الداخل والخارج، فكانت الأسئلة تتوارد عليه بكل ما يعن للمسلمين من مشكلات وما يهمهم من شؤون. وهذا ما جعل المحقق يجتهد في جمعها، ففتش كل المظان التي يتوقع أن تكون حفظت فيها هذه الفتاوى، فكانت مصادرها من تسع جهات؛ هي: التقارير التي كان يكتبها المحقق في حلقات التدريس فإثبتها مذيلة بكلمة (تقرير)، ودار الإفتاء، ورئاسة القضاء، والمكتب الخاص لسماحة المفتي، والديوان الملكي، وديوان رئاسة مجلس الوزراء، ومكتب سماحة الشيخ صاحب الفتاوى، وما جمعه المحقق من أيدي بعض طلاب العلم، والدرر السنية. وقد كان للمحقق منهج واضح في جمعه للفتاوى؛ إذ بدأ بمقابلة بعضها على بعض، فاستبعد المكرر حرفيا، كما استبعد بعض الفتاوى المختصرة لوجود محتواها في أطول منها وأكثر تفصيلا، ثم إنه لخص بعض الفتاوى المطولة التي تكون الفائدة في جزء منها، كما استبعد ذكر الأشخاص إذا وردت في مقام لا يحمد، وإذا احتوت الفتوى أو التقرير على مسائل في فنون مختلفة أو أبواب في الفن الواحد وضع كل مسألة في مكانها المناسب وأشار إلى الرقم الصادر الرسمي بعد انتهاء كل مسألة، وأحال على بعض المسائل في مواضعها إذا وجد مناسبة. أما فيما يتعلق بالفتاوى الصادرة من الدوائر الرسمية فإنه لم يدرج في هذا الكتاب منها إلا ما صدر باسم الشيخ أو ختم به أو وجده في المسودة بلفظ: فأجاب سماحته. وقد وضع المحقق عنوانا لكل فتوى يدل على مضمونها، كما قام بتصحيح بعض الأخطاء التي حدثت للناسخ بعد رجوعه إلى ما وجد من مسوداتها. وقد قسم المحقق الفتاوى إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول في العقائد، وهو ينقسم بدوره إلى خمسة أقسام فرعية: وجود الله ووحدانية ذاته، وحدانية الإلهية، وحدانية الصفات، مسائل في فروع العقائد، الصوفية والشيوعية. أما القسم الثاني من الكتاب فهو في الفقه مع مقدمة في أصوله، وقد رتبه ترتيب "زاد المستقنع" وشرحه "الروض المربع". وقد شملت المسائل جميع أبوابه من المياه إلى الإقرار. أما القسم الثالث فهو معارف عامة تحتوي على: أصول التفسير، وفتاوى في التفسير، واللغة العربية، والشعر، واللغة الأجنبية، والجغرافيا، والصناعات والمهن، والمكتبات وما ينبغي أن يكون فيها ومراقبة المطبوعات ودور النشر، والمؤلفات التي تناولها بالمدح أو القدح - وهي مرتبة على حروف الهجاء، ونصائح عامة، ومنها كلام سماحته في رابطة العالم الإسلامي، والتربية والتعليم، وفهارس عامة على الطريقة التي انتهجها في فهارس مجموع فتاوى ابن تيمية. والكتاب مطبوع في ثلاثة عشر مجلدا. وقد جاء الأمر الملكي للمحقق بإعداد هذه الفتاوى وتصحيحها وجمعها وطباعتها على نفقه الدولة.