في ظلال القرآن
سيد قطب
في ظلال القرآن
نبذة عن الكتاب

يصنَّف هذا الكتاب ضمن كتب التفسير المعاصرة التي عنيت بالربط بين القرآن والواقع المعيش بكل جوانبه على منهج السنة القويم. وأصل التفسير كتبه المصنف رحمه الله في السجن كوقفات عقل متدبر ووجدان مرهف مع آيات القرآن، ثم إنه أعاد كتابة أجزائه الثلاثة عشرة الأولى مستدركا ما يراه من خطأ وناقلا عن قرب من تفسير القرآن العظيم لابن كثير، ولكنه أُعدم قبل إتمام النسخة الثانية. أما عن أهمية هذا التفسير فيمكن إجمالها في أمرين: أولهما كشف حقيقة الواقع في ضوء تدبر القرآن، وثانيهما إحياء أفراد الأمة المسلمة بتوضيح السبيل الذي يجب عليهم أن يسلكوه لمواجهة هذا الواقع ومعالجته وفق المنهج الرباني. ويتحدث المصنف عما دعاه لكتابة تفسيره فيقول: "فلا أقل من أن يُعاد عرضه -أي القرآن-، وأن تُرد إليه جدته، وأن يُستنقذ من ركام التفسيرات اللغوية والنحوية والفقهية والتاريخية والأسطورة أيضا". وعن اختياره للعنوان يقول في مقدمة الظلال: "عنوان لم أتكلفه. فهو حقيقة عشتها في الحياة.. فبين الحين والحين كنت أجد في نفسي رغبة خفية في أن أعيش في ظل القرآن فترة أستروح فيها ما لا أستروحه في ظل سواه.. فترة تصلني بالسماء، وتفتح لي فيها نوافذ مضيئة وكوى مشعة، وهي في الوقت ذاته تثبت قدمي في الأرض، وتشعرني أنني أقف على أرض صلبة، لا تدنسها الأوحال، ولا تزال فيها الأقدام. وكانت تَعِنُّ لي في هذ الجولات خواطر متناثرة: خواطر في العقيدة، وخواطر في النفس، وخواطر في الحياة، وخواطر في الناس.. كنت أكتفي بأن أعيشها ولا أسجلها. فقد كان حسبي أن أعيش هذه اللحظات في تلك الظلال. فلما أن صدرت (المسلمون) وكان عليّ أن أشترك في تحريرها بمقال شهري، قفز إلى ذهني: (في ظلال القرآن) ووددت لو سجلت هذه الخواطر التي تتوارد عليّ أحيانا وأنا أحيا في ظل القرآن". ثم إنه يوضح الهدف الذي ابتغاه من جمعه لخواطره في كتاب كامل بقوله: "ثم طمحت الرغبة، وامتد الأفق إلى محاولة أخرى.. ماذا لو عشت فترات في ظل هذا القرآن كله، فسجلت كل ما يخالج نفسي، وأنا أستروح هذا الجو العلوي الطليق؟! إنه ليكون كسبا لا يعدله كسب لروحي أولا ولذاتي، وربما شاركني فيه الناس، إذا أنا جمعته لهم في كتاب.. ووفق الله وسرت في هذا الشوط خطوات.. تلك هي قصة هذا الجزء الذي يصدر اليوم في هذه الصورة، وقصة الأجزاء التي تليه بإذن الله". ويوضح المؤلف أسلوبه في الظلال فيقول: "ما جاوزت أن أسجل خواطري، وأنا أحيا في تلك الظلال. كل ما حاولته ألا أُغرق نفسي في بحوث لغوية أو كلامية أو فقهية تحجب القرآن عن روحي وتحجب روحي عن القرآن، وما استطردت إلي غير ما يوحيه النص القرآني ذاته؛ من خاطرة روحية أو اجتماعية أو إنسانية، وما أحفل القرآن بهذه الايحاءات! كذلك حاولت أن أعبر عما خالج نفسي من إحساس بالجمال الفني العجيب في هذا الكتاب المعجز، ومن شعور بالتناسق في التعبير والتصوير". ويشق أن نحدد الظلال بمنهج واضح، فهو وإن كان يتمتع باللغة البلاغية الرفيعة في شرحه إلا أنه يتقيد في التفسير بالمأثور فيرجع إلى الروايات الصحيحة في الأحاديث والآثار وينفر من الإسرائيليات، ويوظف علوم القرآن لخدمة التفسير من حيث أسباب النزول والناسخ والمنسوخ والمتشابه والمحكم. ومن مزايا تفسير الظلال تفرده بمقدمات السور وتلخيص موضوعاتها وتحليل مضمون كل منها، مع إبراز طابع كل سورة وشخصيتها وظلها الخاص بها، وحكمة ترتيب آياتها ومقاطعها. وعلى الظلال مآخذ نبه عليها البعض مع توجيههم للكتاب، واتخذها البعض ذريعة للتحذير من قراءته، منها إنكار أحاديث الآحاد في العقيدة، وتأويل بعض الصفات كالاستواء. وقد ظهرت الطبعة الشرعية الأولى بعد 6 طبعات غير شرعية سابقة للظلال في ستة مجلدات من الحجم الكبير، عن "دار الشروق" في السنة 1398 هـ / 1978 م. وللطبعة هذه أهمية إذ تتضمن إضافات وتنقيحات تركها المؤلف ونشرت لأول مرة بعد موته، وتضمنت كذلك مراجعة شاملة والتصويب الدقيق لما كان في الطبعة الأصلية -التي صورت عنها الطبعات غير المشروعة- من أخطاء في الآيات القرآنية والتفسير.