فقه الأولويات في الخطاب السلفي المعاصر بعد الثورة
محمد يسري إبراهيم
فقه الأولويات في الخطاب السلفي المعاصر بعد الثورة
نبذة عن الكتاب

هذه الدراسة المعاصرة، لمؤلفها الدكتور محمد يسري، من أهل العلم المعروفين والدعاة المتزنين، الأكاديمي الداعية نائب رئيس الجامعة الأمريكية المفتوحة، ووكيل جامعة المدينة العالمية بماليزيا. وقد ألف كتابه هذا في فترة ثورات "الربيع العربي"، منطلقا من أن التيار السلفي المعاصر قد غدا بعد الثورات العربية تيارا متناميا ومترامي الأطراف، ومتعدد الصور والتجليات، ومتنوع المواقف والاجتهادات، لذا صار الحديث عنه شأنا مهما يفرض نفسه على مجالس الناس ووسائل الإعلام في العالم بأسره. وتأتي هذه الدراسة من باب النقد الذاتي والنصح الداخلي للخطاب السلفي المعاصر في اللحظة الراهنة (وقت تأليف الكتاب) والذي يمثل تسديدا واجبا ودعما حقيقيا لا يصح تجاهله أو التشاغل عنه بحال، في ظل الحرب العالمية على السلفية في كل صقع ومصر بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، وهي حرب عالمية أيديولوجية ومسلكية في آن واحد، وليس لها من سبب ظاهر إلا أن الجماعات والطوائف والرموز السلفية يهدفون إلى تطبيق الشريعة الإسلامية! وينادون بأن الإسلام دين ودولة! ومما يزيد من صعوبة دراسة أو بحث التيار السلفي بجملته اتساع أطياف التيار السلفي ومدارسه المختلفة مما يحول دون تعميم حكم على إيجابيات تنسب له، أو سلبيات تدعى في حقه.
وإذ انطلقت الثورات العربية بإذن ربها تحطمت القيود والأغلال - قيود الفساد والاستبداد وأغلال الظلم والطغيان - وصار المد السلفي حقيقة واقعة بل وظهر مشروع سياسي لهذا التيار - وفي مصر تحديدا - ليلحق بقاطرة الممارسة السلفية السياسية في الكويت والبحرين وغيرهما.
وما من شك في أن ضغط القاعدة الشبابية للتيار السلفي للتطوير والتغيير بإيقاع سريع متلاحق قد ينطوي على مخاطرة أو مغامرة كما أن التثاقل في الاستجابة الواعية للمطالب قد يفضي إلى استفحال المثالب، أو إلى خسارة فادحة في القواعد. ومن هنا انطلقت هذه الدراسة المعاصرة لتفتح بابا إلى المناصحة والمراجعة، ولتأخذ بزمام المبادرة في وضع هذه الملحوظات على سلم الأولويات الحاضرة في اللحظة الراهنة، بما يرجى معه أن تتنبه قيادات العمل السلفي المعاصر في كل ميدان قبل أن تخسر بعض أبنائها، أو يتساقط في الطريق بعض روادها، أو تفوتها فرصة سانحة لتحقيق أهدافها.
وقد جاءت هذه الدراسة معتمدة منهجا توصيفيا وخطابا نقديا للحالة السلفية الراهنة - في مصر خاصة، وفي الوطن الإسلامي عامة - ثم تفكيرا ارتياديا للخروج من تلك المضايق، بوضع أولويات الخطاب السلفي المعاصر أمام أهله ورواده اليوم.
وقد اكتملت هذه الدراسة عبر فصول أربعة، تناول الأول منها: مفهوم الخطاب السلفي المعاصر، وتناول الثاني: لماذا الحديث عن أولويات الخطاب السلفي؟، فيما بحث الفصل الثالث: مشكلات الخطاب السلفي وعوائقه، وانتهى الفصل الرابع والأخير إلى تقديم أولويات متعددة المجالات، ومتنوعة.
وتتميز هذه الدراسة بالعمق في رصد الظواهر المحيطة بالواقع السلفي والتحديات التي تكتنفه من داخل الصف ثم من أعداء الداخل والخارج، والنهج التحليلي الممتد على مدى خمسة عقود - منذ سبعينيات القرن الماضي -، والتوثيق للأمثلة والشواهد التي يسوقها لتوضيح فكرته.
كما تتميز الدراسة بطرق مسائل هامة في الفقه الحركي الدعوي، والتنويه بأصولها الشرعية، كالعمل الجماعي، والجهاد الشرعي، والممارسة السياسة الشرعية، والتنظيم، والجماعات العاملة على الساحة، والمراجعات الفكرية، مع عناية خاصة بمفهوم تجديد الخطاب.
ولا تخطئ العين معالم الرشد في خطاب المؤلف، والتوازن والشمول البارز في ثنايا مباحث الدراسة، ومن ذلك تقريره أن "حركات البعث والتجديد ينبغي أن تتضمن جوانب أخرى مهمة بجوار الجانبين العلمي والدعوي"، وكذلك وصفه لجوانب القصور من قبيل "إنكار بعض المنكرات الاجتماعية والمخالفات السلوكية، مع غض الطرف عن منكرات المجتمع السياسية".
وقد استفاد المؤلف من قائمة ثرية متنوعة من المراجع القديمة والمعاصرة، لأعلام أهل السنة والدعاة والمصلحين والمفكرين، من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية والشاطبي والعز بن عبد السلام من المتقدمين، ومن أمثال عبد العزيز بن باز وعبد العزيز التويجري وأبي الأعلى المودودي ويوسف القرضاوي ومحمد عمارة من المعاصرين، كما رجع أيضا لأبرز مصادر الفكر المخالف أو المعادي.
يضاف إلى جميع ما سبق ما يتميز به الشيخ من قلم فصيح رصين، وأسلوب حي معاصر يبشر بالبعث الإسلامي الآتي، ويحذر من بغض أعداء الله من الكافرين والمنافقين ومن لف لفهم.
وقد خرج البحث بتوصيات شريفة المقصد، وبعضها قد يراه الناظر بعيد المنال، وهي تلك المتعلقة على وجه التحديد بلم الشمل والتنسيق والاجتماع وتكوين هيئات أو كيانات موحدة لفصائل وأطياف التيار السلفي المختلفة.