سفر جليل صنفه العالم الرباني الأديب حافظ بن أحمد الحَكَمي؛ استجابة لطلب أحد المقربين منه أن يعلق على ما نظمه هو نفسه قبلُ من أرجوزة "سلم الوصول إلى علم الأصول في توحيد الله واتباع الرسول ﷺ"، والتي ألفها بدورها - وهو ابن تسعة عشر عاما - تلبية لرغبة شيخه عبد الله القرعاوي أن ينظم مختصرا يسهل حفظه ويجمع عقيدة السلف الصالح الصافية من الكتاب والسنة بعيدا عن تعقيدات وسفسطة الفلاسفة والمتكلمين. وللشيخ جهد مبارك مع شيخه في نشر العلم والدعوة، ولقد ترأس الكثير من المعاهد والمدارس في المملكة العربية السعودية، وكان آخرها معهد سامطة والذي كان تابعا للإدارة العامة للكليات والمعاهد العلمية وهي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حاليا.وهذا الكتاب (معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول - في التوحيد) أهم آثار الشيخ وأشهرها وأغناها عن التعريف، وقد دأبت الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية زمنا طويلا على توزيعه مجانا على خريجي الكليات وعلى المدرسين والقضاة، لأهميته البالغة، ولحسن عرضه وتبويبه واستيفائه لكثير من نصوص الكتاب والسنة وأقوال السلف الصالح.يعد كتاب المعارج من الكتب الجامعة لموضوعات الاعتقاد حيث احتوى على مقدمة واثني عشر فصلا وخاتمة عليها مدار جميع موضوعات علم الاعتقاد. فابتدأ في المقدمة بخطبة الكتاب وسبب تأليفه له، وأردف ذلك بالحديث عن خلق الإنسان والغاية منه وأخذ الميثاق.وفي الفصل الأول تكلم عن التوحيد وقسمية العلمي والعملي وطرق الاستدلال الشرعية على ربوببة الله والقواعد السنية في الأسماء والصفات ومعاني أشهرها والتي وقع فيها الافتراق وضلال من ضل من الفرق في هذا الباب وتأويلاتهم الفاسدة. أما الفصلين الثاني والثالث؛ فتناول فيهما التوحيد العملي فأوضح التلازم بين قسمي التوحيد وفضل كلمة التوحيد وشروطها السبعة وتعريف العبادة وأركانها وأفرادها والتي لا يجوز صرفها لغير الله.ثم أردف ذلك بفصول خمسة لبيان نقيض التوحيد وهو الشرك بأنواعه المقابلة لأقسام التوحيد، وكيف بدأ في بني آدم، وأن الشرك ينقسم إلى شرك أكبر وأصغر، وذكر بعض الأعمال الشركية وأحكامها الدنيوية والآخروية من مثل السحر والكهانة والرقى والتمائم وغيرها مما انتشر بين العامة في هذا الوقت من غلو وشرك عند القبور والمقامات. ثم شرع في الفصل التاسع ببيان حديث جبريل وتناول كل سؤال في الحديث تباعا فتحدث عن أركان الإسلام الخمسة بالحديث عن معنى كل ركن منها وفرضيته وحكم تاركه ثم تناول موضوع الإيمان فابتدأ بتعريفه والخلاف الذي وقع في ذلك والعلاقة بين لفظي الإسلام والإيمان ثم تناول الأركان المذكورة في الحديث واحد تلو الآخر بذكر ما ورد في الكتاب والسنة فيه وأطال النفس في ركني الإيمان باليوم الآخر حيث تناول أمارات الساعة وأهوال القيامة والشفاعة وغيرها وكذلك ركن القضاء والقدر حيث تناول أقوال المخالفين والرد عليهم وختم بفصل عن الإحسان ودرجاته. ثم تناول في الفصل العاشر ستا من المسائل المتعلقة بمسائل الإيمان، ثم في الفصل الحادي عشر تناول شمائل المصطفى ﷺ وسيرته وجهاده ودعوته. وفي الفصل الثاني عشر والأخير تناول فضائل الصحابة؛ مبتدأ بالخلفاء الراشدين مرورا بالعشرة المبشرين وانتهاء بآل بيت النبي ﷺ. ثم جاءت الخاتمة متناولة الاعتصام بالسنة وخطورة البدع والتحذير منها ووجوب الرد إلى الله ورسوله في الجليل والحقير.ولا شك أن كتاب المعارج من الكتب الهامة لطالب العلم الذي يدرج على سلم التخصص في هذا العلم وكذا الدعاة والعلماء؛ حيث يتميز بالاستيعاب لكل مسائل الاعتقاد بأسلوب رصين ومختصر، مع حشده لكم هائل من النصوص والآثار والتي تمثل حصنا متينا وزادا كافيا، لمن أراد التمكن والوقوف في وجه عواصف الشبهات التي تعصف بكل ساع لإقامة دين الله في الأرض.وللمحقق جهد طيب في تحقيق الكتاب وضبط نصه وتخريج النصوص والآثار، كما أنه صدر الكتاب بمقدمة تعريفية بالشيخ ونشأته ومؤلفاته وحياته العلمية والدعوية الذاخرة.