مفهوم المجتمع المدني والدولة المدنية - دراسة تحليلية نقدية
محمد أحمد مفتي
مفهوم المجتمع المدني والدولة المدنية - دراسة تحليلية نقدية
نبذة عن الكتاب

تسعى هذه الدراسة إلى دراسة وتحليل مفهومي المجتمع المدني والدولة المدنية لبيان القواعد الفكرية التي تبنى عليها. وتنطلق الدراسة من افتراض مؤداه أن مفاهيم المجتمع المدني والدولة المدنية ليست مفاهيم لغوية محددة. وبالرغم من ذلك فما زالت الأمة - في زمن العجز - تستورد مفاهيمها وتجلب أفكارها من عدوها، إما بتطويع هذه الأفكار المستوردة حتى تصبح قريبة من مفاهيمها، أو بإحلالها مكانها واستبدالها بها. ومما استوردته الأمة اليوم مصطلح ما يعرف بالدولة المدنية والمجتمع المدني، وهو مصطلح يقوم على مبان فكرية ثابتة، ولها دلالات ومآلات لا تنفك عنها، ولا تقوم لها قائمة بدونها.وقد تناول الكاتب موضوعه من خلال تقسيم الكتاب إلى مقدمة وفصلين؛ حيث بين في المقدمة أزمة الأمة حاليا ومثقفيها المتمثلة في استيراد الأفكار من الثقافات الأخرى والانهزام أمامها، ومن ضمن ذلك مفهوم المجتمع المدني. وتناول الفصل الأول مصطلح المجتمع المدني، وبين فيه أن مفهوم المجتمع المدني مفهوم ضبابي ومطاط، على نحو لا مناص منه، بحيث إنه لا يوفر بسهولة قدرا كبيرا من الدقة.ثم بين المؤلف أن المجتمع المدني عند بعض من عرفه ليس الجمعيات والمؤسسات التي تمارس أنشطة مختلفة داخل دولة، بل هي المؤسسات التي تمارس عملا محددا ينطلق من قواعد فكرية محددة، ويخدم رؤية عقدية معينة تربط وجود المؤسسات بتحقيق أغراض معينة لحل العديد من المسائل السياسية. ثم يخلص إلى أن المجتمع المدني مجتمع له غاية من وجوده تتمثل في بناء الديمقراطية؛ فهو يحمل دلالات أيديولوجية تبنى على الرؤية الليبرالية القائمة على الربط بين وجود المجتمع المدني والديمقراطية. ثم يبين الكاتب عن نشأة مفهوم المجتمع المدني، والقواعد التي يبنى عليها، وهي اللادينية، والديمقراطية. أما ما يتعلق بالدين والعقائد، فتبني المجتمع المدني للديمقراطية أدى إلى بروز مفهوم نسبية الإيمان، التي بموجبها تتحول العقائد التي يحملها الفرد إلى هويات دينية؛ مما يجعل الدعوة إلى الدين من الأمور المستحيلة؛ لخروجه من كونه عقيدة ملزمة إلى هوية يحملها أفراد، ففي المجتمع المدني الديمقراطي التعددي بدون دين موحد واحد؛ وذلك لتناقض الأمر مع التعددية الدينية. ويختم الفصل برؤية نقدية لمفهوم المجتمع المدني، أوضح فيها أن المجتمع المدني عبارة عن مفهوم محدد له رؤى وقواعد لا يحيد عنها، وهي: اللادينية، والديمقراطية الليبرالية، والتعددية، وهو ما ينفي كونه وسيلة محايدة لتنظيم شؤون المجتمع؛ وذلك لارتباطه بدلالات فكرية، وأطر أيدلوجية محددة. ويتناول الفصل الثاني الدولة المدنية، التي اعتبرها الوعاء الفكري للمجتمع المدني؛ وذلك لأن وجود المجتمع المدني ونماءه يقتضيان وجود دولة مدنية تحتضنه، وترسخ جذوره في المجتمع، فعرفها، وبين نشأة مفهومها. ثم تحدث عن اللادينية والدولة المدنية، حيث بين أن أغلب الباحثين يؤكدون على أن هناك تلازما بين الدولة المدنية واللادينية؛ حيث لا دين في الدولة المدنية، ولا دولة مدنية بدين؛ فهي دولة لا دينية، لا علاقة لها بالدين بأحكامها وتشريعاتها، ولا يمثل الدين مرجعية لها تحتكم إليه. كما تناول المؤلف الموقف من الدول المدنية، وختم برؤية نقدية لمفهومها. ثم ختم المؤلف كتابه بخاتمة طرح فيها سؤالا مؤداه: هل تصلح هذه المفاهيم في الدولة الإسلامية، التي تطبق أحكام الشرع في واقع الحياة؛ ليخلص - بناء على كل ما سبق - إلى أن تبني مفاهيم الغرب عن الحياة من مدنية ولا دينية لا يتفق ألبتة مع أحكام الإسلام، التي تقوم عليها الدولة الشرعية، ومن ثم يصبح تبنيها مخالفة صريحة لأحكام الشرع.والكتاب ذو أسلوب علمي سهل يستخدم اللغة التي يستعملها المثقف المعاصر، ويستند إلى مراجع متنوعة يؤسس بها مناقشاته للمفاهيم التي تناولها، ويرسخ - على صغره - لهوية إسلامية واضحة وفكر إسلامي أصيل.