الكتاب في الأصل رسالة ماجستير في التاريخ الإسلامي من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى، أشرف عليها د. حسام الدين السامرائي وناقشها د. أكرم العمري، لباحثنا الدكتور محمد صامل السلمي الأستاذ المشارك حاليا بقسم التاريخ والدراسات الإسلامية بالجامعة.وقد بين المؤلف في المقدمة أن التاريخ الإسلامي هو تاريخ دين وعقيدة، قبل أن يكون تاريخ دول ومعارك ونظم سياسية، ولأجل هذه الصفة فإنه لا بد من دراسته وفهمه وفق منهج علمي صحيح، منبثق من التصور الإسلامي والعقيدة الصحيحة عن الله والكون والحياة. وبين الفارق بين طريقة المؤرخين القدامى في القرون الثلاثة الأولى، حيث اعتنوا بالأساس بجمع المرويات دون التعمق في التفسير والتحليل، باعتبار أن المنهج الإسلامي كان ناصعا آنذاك، وبين طريقة المؤرخين المحدثين حيث تأثر منهم من تأثر بالمناهج الغربية السقيمة، فاحتاج الأمر إلى "إعادة كتابة التاريخ الإسلامي" وهي دعوة نبغت في العصر الحديث وكان من روادها محب الدين الخطيب في مؤلفاته وسيد قطب في كتابه "في التاريخ فكرة ومنهاج"، ونادت بها هيئات ومؤسسات. وإن أهم ما ينبغي عمله في هذا الصدد هو: تحقيق الروايات التاريخية وفق الموازين العلمية الدقيقة التي اتبعها العلماء المسلمون في تحقيق الأحاديث النبوية، ثم صياغة التاريخ الإسلامي وتعليمه وفق التصور الإسلامي الصحيح ووضع أسس ومناهج صحيحة لتدريسه.وقد رتب الباحث بحثه على قسمين: الباب الأول وهو مدخل لدراسة التاريخ الإسلامي، حيث يتناول مفهوم العلم ومنهج تلقيه ثم مفهوم التاريخ وأهداف دراسته وثمرتها؛ والثاني منهج كتابة التاريخ الإسلامي، حيث يعرض للمنهج وأهميته، مصادر منهج كتابة التاريخ الإسلامي، خصائص هذا المنهج، غايته، وأخيرا قواعد في هذا المنهج. وقد ختم بحثه بخاتمة بحث فيها موضوعين: أولهما تعليقة موجزة عن عوامل الانحرافات الواقعة في كتابة التاريخ الإسلامي وأهم الطوائف المساهمة في ذلك، والثاني نتاج البحث. وقد أجاد الباحث في تقرير المباحث التي اختارها وفق منهج أهل السنة، ورجع إلى أعلام سبقوه في هذا المضمار من أمثال عبد الرحمن حجي و عبد الحميد صديقي وعماد الدين خليل وأكرم العمري، إضافة إلى عدد كبير من المراجع العربية والأجنبية المتميزة، وعموما فقد اقتفى الكاتب منهج أهل السنة ورواد الفكر الإسلامي المعاصر في تقريره لمعالم هذا المنهج.