هذا الكتاب القيم هو من تأليف شيخ الإسلام ابن تيمية، واسمه "الانتصار لأهل الثأر" وعرف بنقض المنطق واشتهر بهذا الاسم، ويعد الكتاب جوابا عن سؤال يتألف من جزئين، الجزء الأول هو العقيدة الصحيحة بين السلف والعلماء اللاحقين، والجزء الثاني هو ما إذا كان المنطق علما واجبا. وتستغرق إجابة ابن تيمية عن الجزء الأول ثلاثة أرباع الكتاب، حيث يؤكد أن اتباع طريقة المؤمنين من الصحابة وأتباعهم واجب، وأن عقيدتهم هي الإيمان بصفات وأسماء الله دون إضافة أو تنقيص أو تأويل في مثل الخلق. ويقدم أدلة من أقوالهم وأقوال تلاميذهم الذين اتبعوا طريقهم في هذا الأمر. وفي الربع المتبقي من الكتاب يتناول شيخ الإسلام الجزء الثاني من السؤال المتعلق بعلم المنطق. فيرد ابن تيمية على الذين يدعون أنه علم واجب ويؤكد على أنه علم نظري ليس له فائدة عملية في الشريعة الإسلامية لا سيما العقيدة. كما يرد على آراء الفلاسفة واللاهوتيين الذين ينتقدون علماء الحديث ومنهجهم، ويؤكد أنهم هم الذين يفتقرون إلى المعرفة واليقين، ويتغيرون في مواقفهم في مسائل مختلفة. والكتاب مكون من المقدمة التي أعدها المحقق، وبها تعريف بموضوع الكتاب ومنهجية ابن تيمية في الكتاب وموارد الكتاب وطريقته في التحقيق وما إلى ذلك تمهيدا للموضوع، ثم قسم موضوع الكتاب الرئيس لعدة فصول ومباحث تتناول ردا مفصلا على السؤالين. وقد اعتمد ابن تيمية في كتابه الاختصار والإحالة، والعدل مع المخالف وجداله بالتي هي أحسن، وأيضا الإنصاف من النفس، كاعترافه بما عند بعض المنتسبين إلى السلف وأهل الحديث من الغفلة وقلة التثبت في النقل ووضع النصوص في غير موضعها. وكثرة استشهاده واحتجاجه بالآي وصحيح الحديث. ففي الكتاب على اختصاره أكثر من مائتي آية، ونحو مائة حديث من الصحيحين. بالإضافة إلى استقراء التاريخ لتتبع نشأة الأقوال والمذاهب والبدع، ومواقف السلف منها، وسعة اطلاعه ووقوفه على تصانيف لم يقف عليها كثير من معاصريه وأهل زمانه. ويميز الكتاب تركيزه على العقيدة الصحيحة والتأكيد على أهميتها في الإسلام، إضافة إلى البحث العميق في المنطق وما إذا كان علما واجبا أم لا، ومناقشة آراء المنطقيين والفلاسفة في هذا الصدد، واستخدام أدلة من القرآن والسنة وأقوال السلف الصالح لدعم الحجج والأفكار المقدم، والرد على الشبهات والآراء الخاطئة التي تخص المنطق ومنهج أهل الحديث، وذلك بشكل مفصل ودقيق، وأخيرا القدرة على جمع المعلومات والآراء المتعلقة بالموضوع من مصادر مختلفة، وتحليلها وترتيبها بشكل بديع.