رد الدارمي على بشر المريسي
عثمان بن سعيد الدارمي
رد الدارمي على بشر المريسي
نبذة عن الكتاب

يتضح من عنوان هذا الكتاب أنه في الرد على المريسي الذي انتحل قول الجهمية ودافع عنه، غير أن الكتاب لم يقتصر على الرد على المريسي فحسب بل عرض لمذهب الجهمية بوجه عام فيما يتعلق بتوحيد الله وأسمائه وصفاته، وعرض لجملة من المسائل الحديثية العارضة. يقول ابن القيم في بيان أهمية هذا الكتاب: "من أجلِّ الكتب المصنفة في السنة وأنفعها. وينبغي لكل طالب سنة مراده الوقوف على ما كان عليه الصحابة والتابعون والأئمة أن يقرأ". وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يوصي به ويعظمه لما فيه من تقرير التوحيد والأسماء والصفات بالعقل والنقل، مما ليس في غيره. ويقول الذهبي عن أسلوب الدارمي في كتابه: "وهو من أجلِّ الكتب الداحضة لأباطيل الجهمية، الناقضة لحججهم الزائفة الفاضحة لعوارهم، والكاشفة عن مخازيهم وجهالاتهم في أسلوب لاذع وعبارة قوية". قال الإمام الدارمي مفصحا عن سبب تأليفه لهذا الكتاب:"أما بعد: فقد عارض مذاهبنا في الإنكار على الجهمية ممن بين ظهريكم معارض، وانتدب لنا منهم مناقض، ينقض ما روينا فيهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى أصحابه؛ بتفاسير المضل المريسي بشر بن غياث الجهمي، فكان من صنع الله لنا في ذلك اعتماد هذا المعارض على كلام بشر؛ إذ كان مشهوراً عند العامة بأقبح الذكر، مفتضحا بضلالاته... فخشينا ألا يسعنا إلا الإنكار على من بثها، ودعا الناس إليها؛ منافحة عن الله، وتثبيتا لصفاته العلى ولأسمائه الحسنى، ودعاء إلى الطريقة المثلى، ومحاماة عن ضعفاء الناس، وأهل الغفلة من النساء والصبيان أن يضلوا بها، ويفتتنوا؛ إذ بثها فيهم رجل كان يشير بعضهم بشيء من فقه وبصر، ولا يفطنون لعثراته إذ هو عثر، فيكونوا من أخواتها منه على حذر". وبهذا يتجلى أن سببه الرد على هذا المعارض الجهمي الذي أتكأ على بشر المريسي فيما قاله وأذاعه من مقولات بدعية ضالة، يبين فيه الدارمي مذهب أهل السنة وينقض دعاوى المبتدعة الجهمية. لقد جعل المؤلف موضوع كتابه على ثلاثة أجزاء: أولها: الحديث عن المعارض الجهمي المريسي، وما يعمد إليه من كلام يلبس به على العامة، ثم تناول جملة من مسائل الاعتقاد الخاصة بأسماء الله وصفاته، ومن ذلك: الإيمان بأسماء الله وأنها غير مخلوقة، دعوى المعارض أن الله لا يدرك بشيء من الحواس، باب النزول، باب الحد والعرش، السمع والبصر، الرؤية، أصابع الرحمن. الجزء الثاني: تناول فيه: الحديث عن قدم الرب جل جلاله، وباب ما جاء في العرش، ثم كلام الله. الجزء الثالث: تناول فيه: الحث على طلب الحديث، والذب عن أبي هريرة ومعاوية وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم أجمعين، وتكفير من يقول: كلام الله مخلوق، مع نقض كلام ابن الثلجي في السمع والبصر والكلام، وباب إثبات الضحك. وقد يؤخذ على الكتاب إتيانه ببعض ألفاظ دعاه إليها عنف الرد وشدة الحرص على إثبات صفات الله وأسمائه التي كان يبالغ بشر المريسي وشيعته في نفيها. غير أنه كان الأَولى ألا يأتي الدارمي بهذه الألفاظ، وأن يقتصر على الكتاب والثابت من السنة؛ وذلك مثل "الجسم" و"المكان" و"الحيز".