أخرج لنا علي محمد الصلابي "صفحات من تاريخ ليبيا الإسلامي والشمال الإفريقي" الذي استلّه من سفره الأكبر "صفحات مشرقة من التاريخ الإسلامي" في خمسة أبواب؛ بدأت بقواعد دراسة التاريخ وتدوينه، وبالأخص منهج دراسة التاريخ الإسلامي، قبل أن يشرع في ذكر حال الشمال الإفريقي قبل الفتح الإسلامي - سكانه، ديانته، وحدوده بداية من ليبيا شرقًا إلى المغرب الأقصى غربًا -، ثم خص بالذكر ليبيا بمعالمها وسكانها قبل الفتح الإسلامي، تمهيدا لتناول صدر الكتاب وموضوعه الرئيس الفتح الإسلامي لشمال إفريقية، دواعيه وبدايته وتفاصيل المعارك واستراتيجيات تثبيت دعائم الإسلام في المنطقة، ذُكر فيها أبرز القادة وجهادهم وأهم أعمالهم، انتهاء بعهد الولاة والصحابة الذين استقروا فيها. ولقد كان لالتقاء المؤلف ببعض وجهاء البلاد من ذوي الخبرات المتعددة والثقافات المختلفة الشأن الأكبر في نمو فكرة تأصيل التاريخ الإسلامي في الشمال الإفريقي لديه، فلقاؤه بالكثير من الأطراف المؤثرة من أبناء الحركة السنوسية والمشايخ الأفاضل كون لديه حصيلة علمية تاريخية، مع الكثير من العوامل التي تغري بكتابة تاريخ ليبيا من الفتح الإسلامي إلى العصر الحديث. ولقد بين المؤلف الباعث على تأليف الكتاب في مقدمته وهو ثلاثة أمور: تأصيل تاريخ ليبيا الإسلامية، وتقرير أن الأصول الدينية في هذه المنطقة سنية، والتأكيد على مبدأ الاعتبار بمعرفة أحوال الدول وعوامل بنائها وأسباب سقوطها. وقد اهتم في كتابه بتعريف الفاتحين من الصحابة والتابعين ورجالات الدعوة والفقهاء، وناقش المعتقدات والأفكار التي حادت عن المنهج الصحيح، متبنيا منهج أهل السنة والجماعة في الجرح والتعديل. ويميز الكتاب لغته السهلة وأسلوبه القصصي في عرض المحتوى، كما أنه قد عقد فصولا للدفاع عن الصحابة وبين فضلهم ومكانتهم في الدين. كما جمع نتائج الدراسة في آخر الكتاب على نحو مختصر غير مخل.