هذا الكتاب القيم هو "شرح العقيدة الواسطية" للعلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، الإمام والخطيب والأستاذ الجامعي وعضو هيئة كبار العلماء المعروف. ويتناول الكتاب شرحا مفصلا للعقيدة الواسطية، وهي عقيدة أهل السنة والجماعة. ويتحدث الكتاب عن مفاهيم الإيمان والإسلام والإحسان والقدر وغيرها من المسائل العقائدية، ويستند الشيخ العثيمين في شرحه إلى النصوص الشرعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. ويعد كتاب "شرح العقيدة الواسطية" من الكتب المهمة في دراسة العقيدة الإسلامية، وهو مرجع للكثير من الطلاب والدارسين في العلوم الشرعية. وكتاب "شرح العقيدة الواسطية" للشيخ محمد بن صالح العثيمين هو شرح متن "العقيدة الواسطية" للإمام ابن تيمية، وهي رسالة ألفها الإمام ابن تيمية استجابة لطلب وإلحاح من أحد قضاة بلدة واسط في العراق وهو رضي الدين الواسطي؛ أن يؤلف له عقيدة تكون عمدة له ولأهل بيته، بعد أن شكى له ما عم من جهل ودروس للعلم، وأسماها ابن تيمية "العقيدة الواسطية: اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة"، حيث ضمنها اعتقاد السلف الصالح جميعهم، وبعد سبع سنين من كتابتها وانتشارها في الآفاق، تحدى خصومه - الذين وشوا به إلى السلطان في مصر وزعموا أنه يدعوا الناس إلى غير عقيدة السلف - وأمهلهم ثلاث سنين أن يأتوا بحرف واحد عن أحد من القرون الثلاثة الفاضلة يخالف ما في هذه العقيدة المباركة. ولما لهذه العقيدة من أهمية بالغة فقد تناولها جمع من العلماء المعاصرين بالشرح والتعليق بين موسع ومختصر، ومن بينها هذا الشرح الذي بين أيدينا.وقد ابتدأها ابن تيمية بالحديث عن أركان الإيمان الستة، مبتدئا بالحديث عن صفات الله وما ينبغي على المؤمن أن يعتقده تجاهها، وسرد جما غفيرا من الأدلة المتتالية من القرآن والسنة ربت على المائة. ثم أوضح مذهب أهل السنة في تناولهم لهذا الموضوع خلافا للفرق الضالة المبتدعة. ثم تناول كون القرآن هو كلام الله غير مخلوق وأنه من الإيمان بالله وكتبه، ثم الإيمان برؤية الله يوم القيامة.وبعد ذلك تناول الإيمان باليوم الآخر وأورد من الأدلة ما يكون بعد الموت حتى أهوال القيامة ودخول الجنة والنار وما يكون من شفاعة النبي ﷺ يومئذ. وأعقب ذلك بالركن السادس وهو الإيمان بالقدر، وذكر درجتيه ("العلم والكتابة" و"المشيئة والقدرة"). ثم انتقل للحديث عن أهم أصول أهل السنة والجماعة، والتي تميزهم عن فرق الضلالة، مثل حقيقة الإيمان وقولهم في مرتكبي الكبائر، وكذا اعتقادهم في الصحب الكرام وأهل بدر والعشرة المبشرين بالجنة والخلفاء وآل البيت، ثم عقب ذلك بالحديث عن كرامات الأولياء. وختم هذه العقيدة المباركة بذكر جملة من صفات أهل السنة والجماعة ومنهجهم، وذكر أن طريقتهم هي دين الإسلام وأن أهلها هم الطائفة المنصورة إلى يوم القيامة. ويتميز منهج ابن تيمية في هذه الرسالة - كما هو شأنه دائما – بكثرة الاستدلال من الكتاب والسنة، وتحري الدقة البالغة في اختيار الألفاظ بما يتوافق معهما، إضافة إلى أسلوبه المحكم المختصر الذي يسهل على الكل فهمه وحفظه، فموضوعات العقيدة لازمة لكل مسلم، مع التنبيه المختصر على المخالفين لأهل السنة، ليجلي أهمية ما ذكره من اعتقاد في مسألة معينة، وليتبين المسلم ما امتاز به أهل السنة والجماعة عن غيرهم من الفرق.وقد أضاف الشيخ العثيمين شروحات وتفسيرات لبعض المفاهيم والمسائل التي وردت في الكتاب الأصلي، وأوضح بعض النقاط التي قد تكون غامضة لبعض القراء، مما جعله يحظى بشعبية كبيرة بين الدارسين والباحثين في علم العقيدة. وقد شعر ابن عثيمين رحمه الله أن العقيدة الواسطية تحتاج إلى إعادة تأصيل وإرجاع إلى مصادرها الأصلية، بعد أن بدأ بعض الأفراد والجماعات في تحريف بعض المفاهيم العقائدية، وإضفاء معانٍ خاطئة عليها، وعلاوة على ذلك، كان الإمام العثيمين يشعر بأن الناس في حاجة إلى توضيح بعض المسائل العقائدية الأساسية في الإسلام، وخاصة في ظل تعرض الإسلام للهجمات المستمرة من قبل المنتقدين والمعارضين، وكانوا يروجون لأفكار خاطئة عن الدين الإسلامي. لذا قرر الإمام العثيمين تأليف شرح مفصل للعقيدة الواسطية، ليعين الناس على فهم العقيدة الإسلامية الصحيحة والدفاع عنها. وتتميز منهجية ابن عثيمين في شرح العقيدة الواسطية بالدقة والوضوح والاعتماد على الأدلة الشرعية، حيث يستخدم الشيخ أسلوبا سلسا ومباشرا في الشرح، ويعتمد في ذلك على التحليل الدقيق للنص الأصلي وتفسيره بشكل مفصل وشامل. ويعتبر شرح العثيمين للعقيدة الواسطية مميزا بعدة نواحٍ، منها؛ العمق الفكري والمنهجي حيث يقدم الشيخ في شرحه للعقيدة الواسطية تحليلا دقيقا لمفاهيم العقيدة ويتناول بشكل مفصل وشامل المسائل المختلفة المتعلقة بالعقيدة الإسلامية؛ والتركيز على الأهمية العملية للعقيدة حيث يؤكد الشيخ على أهمية العمل بمبادئ العقيدة الواسطية في حياة المسلم، ويعرض كيفية تطبيق هذه المبادئ في الحياة اليومية في ظل تعاليم الإسلام. وغيرها من المميزات العامة كالوضوح والدقة في الاستدلال والحجة القوية والبساطة في السرد والتسلسل.