شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكم والتعليل
ابن القيم
شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكم والتعليل
نبذة عن الكتاب

هو أحد مصنفات الإمام الرباني ابن قيم الجوزية، المشهود له بالتمكن في العلم والربانية في العمل والعبادة. تناول هذا الكتاب ركنا هاما من أركان الإيمان الستة وهو الإيمان بالقدر، وهو الأمر الذي كان ولا زال مزلة قدم لكثير من الفرق والمذاهب الضالة، فخاض في لججه ابن القيم خوض المحسن للسباحة، وأقدم في ميادينه إقدام الجريء المقتفي آثار الكتاب والسنة، مع براعة في التفصيل والتوضيح والتقريب، وموسوعية في الطرح بحيث يتناول الموضوع من أكثر من جهة، وكعادته فإنه يستطرد في بعض المباحث لما أوتيه من قوة الحجة وسعة الاطلاع، وهو ينقل كثيرا عن شيخه الإمام ابن تيمية، ويتميز أسلوبه بالسجع الرائق مع حسن التشبيه والتمثيل في كثير من المواضع.وقد قسّم ابن القيم - رحمه الله – الكتاب إلى مقدمة وثلاثين بابا، وفي كل باب فصول عدة.ذكر في المقدمة أهمية هذا الركن العظيم، والسياق التاريخي له وللضلال الذي وقعت فيه كل من القدرية والجبرية، مما جعل معرفة الصواب فيه في مرتبة الضرورة، وذكر أن هذا هو الباعث له على تأليف الكتاب.وقد رتب الأبواب ترتيبا فريدا منطلقا من النصوص الواردة في القدر، فجاءت الأبواب الستة الأولى، متناولة النصوص الواردة في التقديرات الخمسة، العام منها والخاص، كتقدير ما كتبه القلم، وتقدير المصائر والأرزاق والآجال قبل الخلق، والتقدير مع تخلق الجنين، وما يكون في ليلة القدر، والتقدير اليومي.ثم في الأبواب الثلاثة التالية تناول بعض الشبهات حول القدر؛ فالباب السابع يعالج شبهة عدم جدوى العمل مع سبق تقدير الشقاوة والسعادة، ثم الباب الثامن يعالج شبهة الكفار في كون المعبودات من دون الله حصب جهنم، رغم أن منهم الصالحين والملائكة، وفي الباب التاسع رد على منكري القدر، وبـيّن أن القدر قدرة الرحمن.وفي الأبواب الأربعة التالية تناول في كل باب منهم مرتبة من مراتب القدر، والتي من لم يؤمن بها لم يؤمن بالقدر؛ العلم والكتابة والمشيئة والخلق. وهو في كل ذلك يورد حشدا هائلا من النصوص الواردة في كل مرتبة، ناقلا كلام السلف في تفسيرها، موضحا أوجه دلالتها، وكيفية تعبد المسلم بها، ثم يرد على الطوائف المنحرفة في فهمها.وأعقب ذلك بخمس أبواب تدور حول قضايا الكسب والجبر، فالباب الرابع عشر وهو كما ذكر ابن القيم "قلب أبواب القدر ومسائله" تناول الهدى والضلال ومراتبهما، وما يدخل منه تحت كسب العبد وما لا يدخل، وأورد في هذا الباب كثيرا من صور هداية الله العجيبة للمخلوقات كالنحل والنمل والهدهد وغيرها وما فيها من حكمة ورحمة وعدل، وفي الباب الخامس عشر تناول ما يحال به بين الكافر وبين الإيمان كالطبع والختم والغشاوة وغيرها وكيف زلت في هذا الباب القدرية والجبرية، وعلاقة ذلك بأكبر مسألة من مسائل القدر وهي المحو والإثبات، أما الباب السادس عشر فاقتصر على ما جاء في السنة من تفرد الرب تعالى بخلق أعمال العباد، ثم الباب السابع عشر في معنى الكسب والجبر، وفي الباب الثامن عشر مزيد تفصيل وبيان حول الفعل والانفعال كالنطق والإنطاق والضحك والإضحاك، وبيّن أن تحقيق معنى هذا الباب وفهمه ينجلي به كثير من ضلالات القدرية والجبرية.وفي البابين التاسع عشر والعشرون عقد مناظرة افتراضية بين جبري وسني وبين قدري وسني، وكأنه تطبيق عملي واقعي على ما قرره في الأبواب السابقة. وتناول في الباب الحادي والعشرين قضية الشر وأن القضاء الإلهي منزه عنه، وهذا يعالج كثير من الشبه التي لا زالت موجودة حتى عصرنا هذا.أما الباب الثاني والعشرون فهو كما قال ابن القيم أجل أبواب الكتاب حيث تناول والباب الذي يليه الحِكَم والعواقب الحميدة في كل ما يخلقه الله ويأمر به، واستوفى شبه نفاة الحكمة ورد عليهم تفصيلا.وفي الأبواب السبعة الأخيرة، تناول مسائل متفرقة خاصة بالقدر، وجعل كل مسألة عنوان الباب الذي تناوله وبيانها كالتالي:الباب الرابع والعشرون: في قول السلف من أصول الإيمان الإيمان بالقدر خيره وشره حلوه ومره.الباب الخامس والعشرون: في امتناع إطلاق القول نفيا وإثباتا أن الرب تعالى مريد للشر وفاعل له.الباب السادس والعشرون: فيما يدل عليه قوله ﷺ: "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك.. " الحديث، من تحقيق القدر وإثباته.الباب السابع والعشرون: في دخول الإيمان بالقضاء والقدر والعدل والتوحيد والحكمة تحت قول النبي ﷺ: "ماض في حكمك عدل في قضاؤك".الباب الثامن والعشرون: في أحكام الرضا بالقضاء واختلاف الناس في ذلك وتحقيق القول فيه.الباب التاسع والعشرون: في انقسام القضاء والحكم والإرادة والكتابة والأمر والإذن والجعل والكلمات والبعث والإرسال والتحريم والإنشاء إلى كوني متعلق بخلقه، وإلى ديني متعلق بأمره.الباب الموفي ثلاثين: في ذكر الفطرة الأولى ومعناها واختلاف الناس في المراد بها وأنها لا تنافي القضاء والقدر بالشقاوة والضلال.وهذا الكتاب يعد بحق مرجعا متفردا في بابه، لم يأت قبله من المصنفات من تناوله بمثل هذا البيان الشافي من حيث الشمول والاستيعاب مع حسن التبويب وكثرة الاستدلال، إضافة إلى الرد على الفرق المخالفة فيه ودحض شبههم، مع إبراز أصول أهل السنة في القدر بمنهج إحيائي إيماني لا علمي أكاديمي مجرد.ولقد توجهت عناية كثير من العلماء صوب الكتاب شرحا وتعليقا واختصارا ومن ذلك شرح الشيخ الغنيمان لبعض أبوابه، وقد قام الشيخ خالد العك باختصاره، ولا يكاد يتكلم أحد في موضوع القدر إلا ويستدل بهذا المؤلَّف العظيم.وكانت هذه الطبعة متميزة بتحقيقها والذي بُذِل فيه مجهودٌ كبير؛ حيث تدارك كثيرا من السقط الذي كان في الطبعات السابقة، إضافة لمقابلة نسخ الكتاب بل وأشهر طبعاته كذلك، وفي الهوامش كثير من الفوائد والفرائد، وتتميز أيضا بالعزو للمصادر وتحقيق الأحاديث وذكر التراجم والأعلام، وفي ختامها العديد من الفهارس النافعة للآيات والأحاديث والآثار والأعلام والفرق والقبائل والشعر والغريب.