ودخلت الخيل الأزهر
جلال كشك
ودخلت الخيل الأزهر
نبذة عن الكتاب

هذا الكتاب النفيس كان وقت نشره بمثابة سلاح يدافع عن هوية الأمة وعن تاريخها، إذ يبين مؤلفه وهو المفكر الإسلامي والصحفي المعروف جلال كشك أن الخلاف حول تفسير التاريخ ليس ترفا فكريا ولا ظاهرة أكاديمية، بل هو فى الحقيقة خلاف حول تفسير الحاضر واختيارات المستقبل، مؤكدا بذلك أن المعركة هي معركة عقيدة وهوية أكثر من أي شيء. وقد هاجم منهج لويس عوض المعوج ونظرياته التاريخية، واعتبر أنها امتداد للمدرسة الاستعمارية في تفسير التاريخ، ووصفه بأنه أحد مزوري التاريخ انطلاقا من مواقف من قبيل ثنائه على المعلم يعقوب ووصفه بالوطنية والتحرر. وقد أصدر كشك كتابه هذا في أعقاب هزيمة 67 عندما نشطت المدرسة الاستعمارية للترويج للدور التحضيري والتحريري الذى لعبه غزو البلدان المتقدمة للشرق المتخلف، وكانوا في الحقيقة يدعون الأمة العربية وقتها لقبول التحضر الإسرائيلي! وكان صدور هذا الكتاب - وقتها - محاولة لكشف هذا التزييف، وإعادة ثقة الأمة بمستقبلها، من خلال وعيها بماضيها. والكتاب رد واضح على التيار الذي يمثله لويس عوض بل ويتزعمه بأكاذيبه مستغلا منصبه ومكانته لدى النظام الناصري حيث عمل مستشارا ثقافيا لصحيفة النظام الناصري "الأهرام"، وعمل من خلال ذلك على تشويه التاريخ العربي الإسلامي في جميع الجبهات بالتلميح تارة مثل (قصة الراهب "أبو نوفر" المعادية للوحدة العربية)، ومصرحا بالافتراءات والأكاذيب تارة. ولم تقتصر ضربات كشك المضادة في وجه "لصوص الفكر" – كما أطلق عليهم – على هذا الكتاب فقط، بل قام بنشر المقالات في مجلتي "الرسالة" و"الثقافة" مرات عديدة قبل أن يتسنى له إتمام تلك الدراسة عن الحملة الفرنسية، فيُخرج لنا هذا العمل الراقي بعد أعوام قليلة من خروجه من مصر عام 1968. وقد أعاد المؤلف إصداره في طبعته الثالثة ليواجه ورثة دعاة الزيف المذكورين. يقع الكتاب في فصول عشرة: الأول: فبل ان يختل الناموس؛ الثاني: نابليون والمهمة الحضارية؛ الثالث: المدفع والمنشور؛ الرابع: وثارت مدينتي؛ الخامس: المؤسسات الاستعمارية؛ السادس: الثورة الخالدة؛ السابع: الليمونة سحقت الشربتلي؛ الثامن: الجنرال العميل والشيخ المؤرخ؛ التاسع: ولله الحمد والمنة؛ الفصل العاشر: لويسيات أخرى.حيث يبتدئ الفصل الأول بتفنيد مقولة أن "مصر كانت مستعمرة تركية"، وألقى الضوء على المجتمع المصري ثم المماليك في الحكم وانهيار دولتهم وذكر مناقبهم ومساوئهم، وانتصاراتهم وهزائمهم وصراعاتهم بين أنفسهم، ثم المتعممون وهم الشيوخ وأصحاب القرار والقيادة آنذاك ومواقفهم المدهشة في وجه الباطل، ودور الأزهر كمركز لقيادة الأمة والمعبرعن إرادتها، وعامة الشعب من الفلاحين وغيرهم وذكر أحوالهم من خنوع وتعاسة وتبعية، ثم بين فرصة المماليك الأخيرة ليقيموا دولة قوية مستقلة في عهد "علي بيك"، ويفصل كيف أثبتوا عجزهم عن تحقيق ذلك، وتفاصيل موت "محمد بيك أبو الدهب" ثم إرسال تركيا أسطولا لفتح مصر قبل الحملة الفرنسية ب 13 سنة. ثم شرع في الفصل الثاني في سرد وتحليل قدوم "نابليون" لمصر، وذكر مستنكرا على من يحاول تلميع الاستعمار الفرنسي أن "نابليون" كان صريحا وواضحا في تحديد مهمته في مصر عندما قال: " سأستعمر مصر "! ثم يبين مقاومة الشعب العربي الإسلامي لتلك الحملة، واستراتيجية المستعمر في القمع المنهجي والتفتيت والتفريغ من الهوية، وذكر العديد من الحوادث التي استثارت وأشعلت نفوس الشعب المصري، كما ذكر عددا من بواسل المقاومة الشجعان، وما يلبث أن يقودنا من سرده لوقائع وتعريف بشخصيات عظام إلى رد ودفع لكذبة اختُلقت أو شبهة قد ترد للأذهان لولا بيان حقيقتها، وختم الفصل بمظاهر الدجل والنفاق التي أظهرها "نابليون" في خطابه للسطان العثماني، ومحاولته للتقرب منه. ثم يبين في الفصل الثالث حال القاهرة ودخول المصريين في الفتنة – وغايتهم النصرة لا غير – وإذنهم بدخول الدجال القاهرة، كما سلط الضوء في تشبيهه بين المصريين في يومهم ذاك ويوم 67 على منحيين أساسين، وأرجع تلك الهزيمة النكراء إلى سبب في الشعب، وسبب في الجيش، الذي لم يعرف الإسلام تفريقا بينهم أول شرعته، فمن ناحية الناس، قد انحسرت فيهم روح التضحية الجهادية، وقامت مقامها روح تشجيع الكرة أو السباقات، فلم يبذل الشعب غير المال والصوت والأعلام! وأما الجيش فقد تجلى بوضوح تأخره الاستراتيجي والاستخباراتي، والكثير من أولويات الدفع ضد أي معتدي، أفإن كان محتلا؟وفي الفصل الرابع يسرد تفاصيل الثورة من الشعلة البادئة إلى أن تفاجأ بها "بونبارت" وكيف تعامل مع أول ثورة شعبية يواجهها منذ أن دخل مصر، وكيف تعرض الأزهر الشريف للرمي بالقنابل والمدافع، وأخيرا كيف دخلت الخيل الأزهر، وما آلت إليه مكانة الشيوخ والعلماء التي ذكرها سابقا، وعرف "نابليون" والمصريون" استحالة قيام نابليون ببناء تلك الإمبراطورية التي تساير الحضارة الغربية ولا تمس الدين. ثم في الفصول الأخرى بين كيف تعايش الفرنسيون مع الشعب وكيف كانت المؤسسات وقتها وموقف الشعب من ذلك، وقيادة "كليبر"، والثورة الثانية وكيف بطش "كليبر" بالمصريين، وقتله "ابن حلب"، نموذج "المجاهد" الإسلامي أو "الثوري" الشرقي، كما وصفه الأستاذ "كشك" في كتابه. وفي الفصل التاسع يستعرض كاتبنا الفصل الأخير من الحملة الفرنسية على مصر ويبسط لنا مظاهر زوال الفرنسين وخروجهم صاغرين، وما خلفوه وراءهم من شتى ألوان الخراب. ويخصص فصله الأخير مجددا في الرد على العديد من "اللويسيات".والمؤلف من المؤرخين القلائل الذين اعتنوا بهذه الفترة إلى جانب "الجبرتي" و "رفاعي" وقد استعان بالكثير من نقولاتهما، كما رد على الكثير من المؤرخين الأوربيين ك "كرستوفر هيرولد" وأمثاله.والكاتب معروف بشدته في دفع شبه المستشرقين وأذنابهم، بأسلوب حاد ساخر لا يعدم الاستدلال بالمنطق والحجة.إن الكاتب في كتابه هذا يكشف عن التاريخ الحقيقى للحملة الفرنسية على مصر موضحا أنها بداية غزو الإمبريالية الغربية للشرق ولم تكن أبدا بداية لعصر التنوير والتقدم والتخلص من الاحتلال التركى كما يزعم المفتونون بالغرب.