هو الأمير محمد بن إسماعيل بن محمد الصنعاني. مؤرخ وشاعر ومصنف من أهل صنعاء، وهو أحد أئمة اليمن المتأخرين، والذين يعدون في المجتهدين القلائل المتحررين المتبعين للدليل من الكتاب والسنة. ولد عام ١٠٩٩هـ بمدينة كحلان، ثم انتقل مع والده إلى مدينة صنعاء سنة ١١٠٧هـ وعنده ١١ سنة فنشأ بها وأقام فيها حتى الممات، ولم يخرج منها إلا لتلقى العلم على يد المشايخ، أو للابتعاد عن السلطة الحاكمة في صنعاء، ولكنه في نهاية الأمر استقر بها حتى وفاته عام ١١٨٢هـ.أتم الصنعاني حفظ القرآن بعد دخوله صنعاء. وما إن بلغ السنوات الأول من العقد الثالث من عمره حتى زادت حماسته في الإبحار في علم الحديث والبحث عن مشائخه المتمكنين فيه، وكان قبل ذلك قد قام بنسخ زاد المعاد وبهجة العامري، وكان يردد مجموعة من الأبيات التي تدلل على اهتمامه بعلم الحديث.قال الشوكاني إنه أخذ عن علماء صنعاء كالسيد العلامة صلاح بن الحسين الأخفش والسيد العلامة عبد الله بن علي الوزير والقاضي العلامة علي بن محمد العنسي، ورحل إلى مكة وقرأ الحديث على أكابر علمائها وعلماء المدينة وبرع في جميع العلوم وفاق الأقران وتفرد برئاسة العلم في صنعاء وحاز رتبة الاجتهاد.كان يذهب إلى أرض الحرمين ليؤدي مناسك الحج، ويلتقي بالعلماء والمحققين ويأخذ العلم عنهم و يلتقي بالمشايخ ويأخذ منهم العلم ويلازمهم.عمل بالأدلة ونفر عن التقليد وزيف ما لا دليل عليه من الآراء الفقهية وجرت له مع أهل عصره خطوب ومحن. ومنها في أيام المتوكل على الله القاسم بن الحسين ثم في أيام ولده الإمام المنصور بالله الحسين بن قاسم، ثم في أيام ولده الإمام المهدي العباس بن الحسين وتجمع العوام لقتله مرة بعد أخرى. ولقد ولاه الإمام المنصور بالله الخطابة في جامع صنعاء فاستمر كذلك إلى أيام ولده الإمام المهدي. وأتفق أنه في بعض الجمع لم يذكر الأئمة الذين جرت العادة بذكرهم في الخطب الأخرى فثار عليه جماعة من آل الإمام وعضدهم جماعة من العوام وتواعدوا فيما بينهم على قتله في المنبر يوم الجمعة المقبلة. فبلغ الإمام المهدي ما قد وقع التواطؤ عليه فأرسل لجماعة من أكابر آل الإمام وسجنهم وأرسل لصاحب الترجمة أيضا وسجنه، وأمر بطرد يوسف العجمي من اليمن الذي كان من أعظم المحشدين لهذه الفتنة، فسكنت عند ذلك الفتنة وبقي الصنعاني نحو شهرين ثم خرج من السجن وولى الخطابة غيره. وأستمر ناشرا للعلم تدريسا وإفتاء وتصنيفا.ولقد كانت العامة ترميه بالنصب مستدلين على ذلك لأنه كان عاكفا على الأمهات وسائر كتب الحديث عاملاً بما فيها ومن صنع هذا الصنع رمته العامة بذلك لا سيما إذا تظاهر بفعل شيء من سنن الصلاة فإنهم لا يقيمون له وزنا. لكن ما زال الأئمة من الزيدية يقرؤون كتب الحديث الأمهات وغيرها ونقلوها في مصنفاتهم الأول فالأول لا ينكره إلا جاهل أو متجاهل.وقد أفرد كثيرا من المسائل بالتصنيف بما يكون جميعه في مجلدات. وله شعر فصيح منسجم جمعه ولده العلامة عبد الله بن محمد في مجلد وغالبه في المباحث العلمية والتوجع من أبناء عصره والردود عليهم.له مؤلفات عديدة تربو على المائة، منها: سبل السلام شرح بلوغ المرام وهو أشهرها، منحة الغفار على ضوء النهار، العدة شرح العمدة، شرح الجامع الصغير للسيوطي، شرح التنقيح في علوم الحديث للسيد الإمام محمد بن إبراهيم الوزير وسماه التوضيح، تطهير الاعتقاد من أدران الإلحاد، لفحات الوجد من فعلات أهل نجد، الروض النادي في سيرة الإمام الهادي.