الشوكاني

والملقب بـ

الإمام محمد بن علي بن محمد الشوكاني، الملقب بـبدر الدين الشوكاني، أحد أبرز علماء أهل السنة والجماعة وفقهائها، ومن كبار علماء اليمن ولد سنة ١١٧٣هـ في هجرة شوكان في اليمن، ونشأ بصنعاء، وتلقى العلم على شيوخها.اشتغل بالقضاء والإفتاء وولي قضاءها سنة ١٢٢٩هـ، ومات حاكمًا عليها في سنة ١٢٥٥هـ.نشأ بصنعاء اليمن، وتربى في بيت العلم والفضل فنشأ نشأة دينية طاهرة، تلقى فيها معارفه الأولى على والده وأهل العلم والفضل في بلدته، وهذه النشأة والبيئة ساعدت الشوكاني على طلب العلم والنبوغ المبكر، وقد كان والده رحمه اللّه من العلماء المبرزين في ذلك العصر.حفظ الشوكاني القرآن الكريم وجوّده، ثم حفظ كتاب عيون الأزهار للإمام المهدي في فقه الزيدية ومختصر الفرائض للعُصيفيري وملحة الأعراب في صناعة الإعراب للحريري، والكافية والشافية لابن الحاجب، وغير ذلك من المتون التي اعتاد حفظها طلاب العلم في القرون المتأخرة. وكان الشوكاني رحمه الله كثير الاشتغال بمطالعة كتب التاريخ والأدب وهو لايزال مشتغلاً بحفظ القرآن الكريم. قال الشوكاني عن والده وأهل قريته: "... وهذه الهجرة معمورة بأهل الفضل والصلاح والدين من قديم الزمان، لا يخلو وجود عالم منهم في كل زمن، ولكنه يكون تارة في بعض البطون، وتارة في بطن أخرى، ولهم عند سلف الأئمة جلالة عظيمة، وفيهم رؤساء كبار، ناصروا الأئمة، ولا سيما في حروب الأتراك، فإن لهم في ذلك اليد البيضاء، وكان فيهم إذ ذاك علماء وفضلاء، يعرفون في سائر البلاد الخولانية بالقضاة".استطاع الشوكاني أن يستفيد من علماء عصره، وما أكثرهم فقرأ التهذيب للعلامة التفتازاني، وتلخيص المفتاح في علوم البلاغة للقزويني، والغاية لابن الإمام، ومختصر المنتهى لابن الحاجب في أصول الفقه، ومنظومة ابن الجزري في القراءات ومنظومة الجزار في العروض، وآداب البحث والمناظرة للإمام عضد الدين الإيجي ، وما إلى ذلك من سائر العلوم النقلية والعقلية.وظل هكذا ينتقل بين العلماء، يتلقى عليهم، ويستفيد منهم، حتى صار إماما يشار إليه بالبنان، ورأسا يرحل إليه، فقصده طلاب العلم والمعرفة للأخذ عنه، من اليمن والهند وغيرهما، حتى طار صيته في جميع البلاد، وانتفع بعلمه كثير من الناس.وقد تأثر الإمام الشوكاني بشخصيات كثيرة من الذين كانوا قبله: منهم من بلده اليمن، وأشهرهم: العلامة محمد بن إبراهيم الوزير، والعلامة محمد بن إسماعيل الأمير، ومنهم من غير بلده ولم يكونوا في عصره، وعلى رأسهم: إمام الدنيا ابن حزم الأندلسي، وشيخ الإسلام ابن تيمية.ومن أبرز شيوخه: العلامة الحسن بن إسماعيل المغربي، وقد وصفه الشوكاني بأنه كان يقبل عليه إقبالاً زائدا، ويعينه على الطلب بكتبه، وهو من أرشده إلى شرح "المنتقى"، وأنه تأثر به في تقوية حياته الروحية وتكوينه الخلقي، وخاصة خلق التواضع، وقد سمع منه "التنقيح في علوم الحديث". وكذلك الإمام الحافظ عبد القادر بن أحمد الكوكباني، وقد وصفه الشوكاني بأنه كان أبرز علماء عصره وأكثرهم إفادة، وذكر أنه لم يكن في اليمن له نظير، وأقر له بالتفرد في جميع العلم كل أحد، وقد قرأ عليه الشوكاني مختلف الفنون من حديث وتفسير ومصطلح وغيره، وقد سمع منه صحيح مسلم وسنن الترمذي وبعض موطأ مالك وبعض فتح الباري وبعض "الشفاء". والعلامة محمد علي بن إبراهيم بن أحمد بن عامر الشهيد وهو شيخ الشوكاني في صحيح البخاري حيث سمعه منه من أوله إلى آخره. وأيضا العلامة أحمد بن محمد الحرازي وقد لازمه الشوكاني ثلاث عشرة سنة وبه انتفع في الفقه.ومن أشهر تلاميذه: ابنه أحمد بن محمد بن علي الشوكاني، ومحمد بن أحمد السودي.وللشوكاني مؤلفات كثيرة تجاوزت مائة وأربعة عشر، منها: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار وهو أشهر كتبه على الإطلاق، السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار وهو خلاصة فقه الشوكاني، الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع واشتمل على تراجم أكابر العلماء من أهل القرن الثامن ومن بعدهم، الدراري المضية شرح الدرر البهية، وبل الغمام على شفاء الأوام، الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد، فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، در السحابة في مناقب القرابة والصحابة. رحمه الله.

كتب المصنف في الموقع