يمتاز تفسير الشوكاني بجمعه بين الرواية والدراية. فأما من ناحية فن الرواية فإذا تتبعناه وجدنا الأخبار المرفوعة والتي صح سندها قليلة بالنسبة إلى جانب المأثور عن الصحابة والتابعين. وجرت عادة الشوكاني على عزو الأحاديث المرفوعة بعبارات متعددة في كيفية الأداء؛ فتارة يقول: روي عن رسول الله، وتارة: قال رسول الله، وتارة: عن رسول الله. كما أنه يصحح تارة ويسكت أخرى. وجل اعتماده في الرواية عن الصحابة على تفسير ابن جرير وابن أبي حاتم وعبد الرزاق. وأما من ناحية فن الدراية فإنه استخدم كثيرا من المباحث اللغوية في توضيح الآيات كالاشتقاق والاشتراك والإطلاق والتقييد، كما أنه اتجه في تفسيره للنحو وحاول من خلاله أن يكشف معنى الآية ويوضحه، وكذا البلاغة التي كان طويل الباع فيها. وقد ذم الشوكاني التقليد بمجرد الرأي الذي لا يستند إلى دليل من النقل ولا من اللغة. يقول الشوكاني في مقدمة تفسيره: "فإن ما كان من التفسير ثابتا عن رسول الله وإن كان المصير إليه متعينا وتقديمه متحتما غير أن الذي صح عنه من ذلك إنما هو تفسير آيات قليلة بالنسبة إلى جميع القرآن، وأما ما كان منها ثابتا عن الصحابة فإن كان من الألفاظ التي قد نقلها الشرع إلى معنى مغاير عن المعنى اللغوي بوجه من الوجوه فهو مقدم على غيره، وإن كان من الألفاظ التي لم ينقلها الشرع فهو كواحد من أهل اللغة الموثوق بعربيتهم... وبهذا تعرف أنه لابد من الجمع بين الأمرين وعدم الاقتصار على مسلك أحد الفريقين". وهو يبدأ في تفسيره للآية أو السورة ببيان كون السورة من المكي أو المدني ثم فضائل السورة ثم القراءات الواردة فيها ثم اللغة ثم الإعراب والشواهد ثم أسباب النزول والنسخ والمعنى الإجمالي مع ترجيح الأقوال ثم الأحكام المستنبطة من الآية وأخيرا الأحاديث النبوية والآثار عن الصحابة والتابعين فمن بعدهم. ومن ثم فإن هذا التفسير يعد متميزا من حيث جمعه وترتيبه وحسن أدائه واستيعابه لأنواع علوم القرآن. وتعد أهم مزايا تفسير الشوكاني هي نقوله الكثيرة من تفاسير المحدثين واللغويين وكتب أحكام القرآن؛ فهو وإن كان في بيئة زيدية تعتمد على كتب المعتزلة غالبا ولا تهتم بما سواها إلا القليل منهم فقد باينهم ورد عليهم كثيرا من أقوالهم وجعل للسلف فضل السبق من حيث صفاء العقيدة ووضوح المنهج.