هو محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمن بن يوسف ابن سعيد بن جزي الكلبي، يكنى أبا القاسم، من أهل غرناطة، وذوي الأصالة والنباهة فيها، ولد أبو القاسم في 19 من ربيع الأول، عام ٦٩٣ﻫ ١٢٩٤م، ونشأ في بيت حسب نبيل وعلم مشهور في الأندلس الإسلامية، وأصل فرعه ينتمي إلى حصن ولمة، وهو حصن من حصون البراجلة من الأندلس، نزل به أولهم عند الفتح مع من يمت لهم بالقرابة النسبية، أبي الخطار حسام بن ضرار الكلبي، وعند انقراض دولة المرابطين كان لجده يحيى بمدينة جيان رئاسة وانفراد في التدبير والملك، كان نابغا في فنون شتى وعلوم متعددة، فكان فقيها مالكيا، محدثا، أصوليا، مقرئا، متكلما، أديبا، نحويا لغويا، حافظا متقنا، مفسرا، وكان مثاليا في العكوف على العلم، والاقتصاد، والاشتغال والتقييد، والتدوين. تقدم خطيبا على حداثة سنه في الجامع الكبير ببلده، فأمتع القلوب بحسن أسلوبه، وملك الأفئدة بوعظه وإرشاده وبراعة منطقه. اشتغل ابن جزي بالتدريس فتتلمذ عليه كثير من الناس. أخذ الإمام العلم من أئمة عصره وفضلائهم، منهم أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الغرناطي، أبو القاسم قاسم بن عبد الله بن محمد بن الشاط الأنصاري السبتي، أبو عبد الله محمد بن أحمد اللخمي المعروف بابن الكماد، أبو عبد الله محمد بن عمرو الفهري السبتي المعروف بابن رشيد، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف بن أحمد بن عمر الهاشمي الطنجاني. كما روى عن أئمة عصره منهم أبو الحسن بن مستقور، وسمع على الوزير أبي محمد عبد الله بن أحمد بن المؤذن، وعلى أبي الوليد الحضرمي، وأبي زكريا البرشاني، وعلى الخطيب أبي عبد الله محمد بن محمد الأنصاري، والقاضي أبي المجد علي بن أبي الأحوص والقاضي أبي عبد الله ابن برطال، والوزير ابن أبي عامر بن ربيع. ومن تلاميذه لسان الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله السلماني الغرناطي المعروف بابن الخطيب.وأبناؤه الثلاثة النجباء هم أبو محمد عبد الله بن أبي القاسم محمد بن أحمد بن محمد بن جزي، أبو بكر أحمد بن أبي القاسم محمد بن أحمد بن محمد بن جزي، أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم محمد بن أحمد بن محمد بن جزي. ولقد ترك الإمام أبو القاسم ثروة كبيرة في علوم شتى وفنون متنوعة، تشهد له بالعلم. ومن هذه الكتب: وسيلة المسلم في تهذيب صحيح مسلم، الدعوات والأذكار المخرجة من صحيح الأخبار، الأنوار السنية في الكلمات السنية، النور المبين في قواعد عقائد الدين، المختصر البارع في قراءة نافع، القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية، الفوائد العامة في لحن العامة، التنبيه على مذهب الشافعية والحنفية والحنبلية، أصول القراء الستة غير نافع، فهرسة كبيرة مشتملة على جملة من علماء المشرق والمغرب، تقريب الوصول إلى علم الأصول، إلى غير ذلك من الكتب مما قيده في التفسير والقراءات وغيرهما.وفي عام 1340م الموافق 740هـ قتل ابن جزي الكلبي في معركة طريف التي وقعت جنوب الأندلس بين جيش المسلمين المكون من تحالف المرينيين وبني نصر الغرناطيين وكان ابن جزي مشاركا مع جيش المسلمين يحثهم على القتال ويشحذ همهم، لكن انتهت المعركة بهزيمة جيوش المسلمين ووفاة ابن جزي، رحمه الله.