أصل هذا الكتاب رسالة دكتوراة تقدم بها الدكتور علي العلياني لقسم العقيدة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، وقد أجيزت بتقدير امتياز، وقد أوضح المصنف الباعث له لتأليف هذه الرسالة، وهو ما آل إليه أمر المسلمين في الأزمان المعاصرة من وهن داخلي وتكالب خارجي، ثم غزو فكري أصاب ثوابت الأمة لا سيما قضية الجهاد؛ حيث هي سبيل النصر والتمكين؛ فكانت هذه الرسالة نصرا لدينه وإثباتا لحجته. وقد قسم المؤلف الكتاب إلى مقدمة وأربعة أبواب وخاتمة؛ تناول في المقدمة تعريفا مجملا بواقع المسلمين والهجمات الشرسة على الإسلام والمسلمين؛ الأمر الذي دعاه لتبيان الحق في هذه القضية الخطيرة حتى لا تتميع وتضيع في ظل غفلة المسلمين، وعرض خطة البحث وموضوعاته مجملا، وفي الباب الأول تناول منهج الدعوة قبل تشريع الجهاد "العهد المكي" في خمسة مباحث استعرض فيها حقيقة الجاهلية قبل الإسلام ومفهومها الذي لا يختص بزمن أو حقبة معينة، وكيف أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الإسرار بالدعوة وتربية أصحابه تربية شاملة خلقيا وسلوكيا وتنظيميا وقياديا، وتعميق جذور الإيمان لتحمل أعباء الدعوة وتبصيرهم بالفتن والابتلاءات؛ أخرجهم به من هذه الجاهلية وجعلهم خير أمة أخرجت للناس. وفي الباب الثاني تناول منهج الدعوة بعد تشريع الجهاد "العهد المدني" واشتمل على ثمانية مباحث تدور حول التعريف بالجهاد وأحكامه ومراحل تشريعه وأهدافه وغاياته والترغيب فيه والترهيب من تركه ومغبة ذلك وكذلك صور من جهاد الرعيل الأول. وفي الباب الثالث تناول في اثني عشر مبحثا دور المستعمرين والمستشرقين في تغييب وتشويه حقائق الجهاد واستبدال رابطة الإسلام بغيرها من قومية ووطنية والتشدق بألفاظ خبيثة من مثل زمالة الأديان والسلام العالمي وغير ذلك. وفي الباب الرابع والأخير تناول الفرق التي ضلت مفهوم الجهاد سواء في الأزمنة السالفة أو المعاصرة. وفي الخاتمة تناول بصورة مركزة خلاصة البحث في تسع وعشرين نقطة. ويمتاز منهج الكاتب بالاستفاضة في ذكر الأدلة وإقرار الحقائق الشرعية كما وردت في الكتاب والسنة وكما فهمها السلف ويورد من النقول عن العلماء الشيء الكثير وإن طال النقل، ثم يرد على الشبهات المثارة حول هذه الحقائق سواء قديما أو حديثا وسواء من الناحية العلمية أو الفكرية أو السياسية. وكذا اهتم بمعالجة الموضوع بشكل مقاصدي شمولي، حيث لم يقتصر على تبيان حقائق الجهاد بل أوضح المخالب التي تحاول النيل منه ومقاصدها من وراء ذلك حتى إنه يكاد لا يدع شبهة إلا وأتى عليها وأوضح ما يدحضها، حتى لا يبقى في صدر مسلم شك أو حرج مما شرعه الله ويكون على يقين أن هذه الشريعة هي الشريعة الخاتمة الهادية والتي هي ملؤها رحمة وإحسان للخلق جميعا. ويمتاز أسلوب الكاتب بالسهولة والوضوح مع قوة في الحجة. وقد اهتم بالاختصار في العزو والتخريج إلا ما اقتضى السياق فيه التفصيل فيورده حسب الحاجة وينقل تصحيح الحديث أو تضعيفه عن جملة من العلماء القدامى أو المعاصرين. ويمتاز الكتاب كذلك بحسن الترتيب والتقسيم وتعداد العناصر الرئيسة والفرعية بأرقام بغية تسهيل متابعة عناصر الموضوع. والكتاب يعد مرجعا في بابه.