النبأ العظيم
محمد عبد الله دراز
النبأ العظيم
نبذة عن الكتاب

أصل هذا الكتاب دروس تفسير ألقاها المصنف على طلاب كلية أصول الدين بالأزهر. وهو يهدف إلى بيان خصائص القرآن، ودفع بعض الشبهات عنه، ووضع منهج للتعامل معه دراسة وفهما. وقد نهج المصنف في كتابه شيئا من التفصيل والتحليل إضافة إلى التطبيق والتمثيل. ويعد الكتاب دراسة قيمة بخصوص القرآن من جهة مصدر ومن جهة خصائصه ومن جهة الموقف من دراسته؛ فقد تناول بالدراسة إعجاز القرآن البلاغي والبياني مع تركيزه على مسألة مهمة يعتبر أول من ركز عليها وهي ما يسمى بالوحدة الموضوعية أو عمود السورة أو الخيط الناظم للوحدة القرآنية؛ فدرس سورة البقرة كنموذج يُحتذى في بقية سور القرآن الكريم. وهو بذلك يرشد القارئ إلى منهج التعامل مع القرآن، ويضع له سياسة لدراسة النسق القرآني، تقضي بألا يتقدم الناظر إلى البحث في الصلات الموضعية بين أجزاء السورة إلا بعد أن يحكم النظر في السورة كلها بإحصاء أجزائها، وضبط مقاصدها على الوجه الذي يعينه على السير في تلك التفاصيل عن بينة. ومن هنا يتوجه المؤلف لقارئه بقوله: "خذ نفسك بالغوص في طلب أسراره البيانية، فإن عمي عليك وجه الحكمة في كلمة منه أو حرف فإياك أن تعجل كما يعجل الظانون، ولكن قل: الله أعلم بأسرار كلامه، ثم إياك أن تركن إلى راحة اليأس فجد في الطلب فعسى الله أن يفتح لك بابا من الفهم تكشف به شيئا مما عمي على غيرك". وقد تضمن البحث موضوعين أساسين؛ أولهما تحديد المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظي (القرآن) و(الكتاب)، وثانيهما -وهو معظم الكتاب- في بيان مصدر القرآن وإثبات أنه من عند الله بلفظه ومعناه، وقد اشتمل هذا البحث على تمهيد وأربعة فصول جاء كل منها تحت عنوان "مرحلة". ففي التمهيد قرر المؤلف أن هذا القرآن ليس من تأليف النبي فضلا عن غيره من البشر، وأن التحدي قائم أن يأتي أحد من الإنس والجن إلى قيام الساعة بمثل أسلوب القرآن أو علومه أو تأثيره في النفوس. وفي المرحلة الأولى من هذا الفصل الثاني يقيم المؤلف الأدلة العقلية والنقلية على نفي كون القرآن إيحاء ذاتيا من عند النبي، أما المرحلة الثانية فإن المؤلف يقرر فيها أن الوحي الخارجي للنبي بالقرآن لابد أن يكون سماويا. وفي المرحلة الثالثة كان الكلام عن ظاهرة الوحي وتحليل عوارضها وملابساتها. وفي المرحلة الرابعة -وهي أوسع المراحل بحثا- يلتمس المؤلف الدليل من القرآن نفسه على سماويته وإعجازه لا سيما الإعجاز اللغوي معرجا على المحاولات التي سعت لمعارضة القرآن وفشلها في ذلك. وأخيرا يجمل المؤلف خصائص القرآن في خاصيتين: الجمال التوقيعي متمثلا في تأليفه الصوتي المميز، والجمال التسيقي متملا في التركيب اللفظي المتفرد. بقي أن نعلم أن المؤلف لم يكمل كتابه فهناك من العناوين ما هو مذكور في المقدمة دون الكتاب كالإعجاز العلمي والإعجاز الإصلاحي، فلعل المنية وافته قبل تمامه.