أصل الكتاب رسالة دكتوراه نوقشت بقسم السيرة والتاريخ بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية 1414هـ، قدم له د. أكرم العمري والشيخ عطية سالم، والأول معروف بجهوده في دراسة السيرة النبوية وتحقيقها ومؤلفاته لا تخفى لا سيما كتابة السيرة النبوية الصحيحة. وقد تناول الباحث المصنف الموسوعي وهو فتح الباري، ويشتمل البحث على 3 أقسام: المقدمة وتتضمن جهود الإمام البخاري رحمه الله في خدمة الحديث والسيرة النبوية، وبيان منهجه في الجامع الصحيح. وقد جمع جملة من الأحاديث عن السيرة في كتابي المغازي والمناقب، وكثيرا ما يحيل عليهما الحافظ باسم السيرة النبوية. لكن الإمام البخاري أورد جملة من الأحاديث مبثوثة في الصحيح وهي متصلة اتصالا وثيقا بالسيرة النبوية، مثل كتاب التفسير وكتاب الجهاد، مع ملاحظة أن جميع كتب وأبواب الصحيح لا تخلو من أحاديث تتصل بالسيرة بدءا بكتاب بدء الوحي وحتى كتاب التوحيد. والقسم الثاني من الرسالة: الموارد، وهي المصادر التي اهتمد عليها الحافظ في موضوع البحث. والثالث: جمع المادة وتوثيقها. وقد سلك الباحث منهجا يعتمد على: جمع الأحاديث والروايات والمعلومات المتصلة بالسيرة من أجزاء فتح الباري وتوثيقها من مصادرها التي رجع إليها الحافظ ومطابقتها، ثم توثيق الأحاديث والبيانات التي لم يوضح الحافظ مصادرها، ثم الوقوف على ما حدث من تصحيف في المصادر وكذا إكمال العبارات المطموسة، ثم تقسيم المادة إلى مرحلتين مكية ومدنية وفصل الدلائل والمعجزات وترتيب المعلومات حسب الترتيب الزمني، ثم بيان منهج الحافظ في شرح كل حديث بحسب الجزئية التي ذكرها البخاري، ونهجه في الربط بين أحداث السيرة والفوائد الفقهية، وبيان منهجه في الاستفادة من المصادر حسب أولويتها، ثم ضبط الإحالات، ثم المقارنة بين فتح الباري وعمدة القاري. وقد تتبع الباحث مسائل السيرة النبوية المبثوثة في مجلدات فتح الباري واعتنى بها واستقصاها، ثم رتبها حسب ترتيب كتب السيرة النبوية، ابتداء من اسم النبي صلى الله عليه وسلم ونسبه الشريف وانتهاء بمرض النبي وبعث أسامة بن زيد، ثم ختمه بعلامات النبوة، ثم ألحقه بملحق مفصل خاص عن توسعة المسجد الحرام في العهد السعودي وخاصة في عهد خادم الحرمين الشريفين فهد بن عبد العزيز، وعن توسعة المسجد النبوي الشريف، وعن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.والبحث ثمرة جهد كبير قام به الباحث لتتبع جميع ما يتعلق بالسيرة من فتح الباري، ويظهر فيه نوع تحقيق.وقد سلك الباحث في كتابه طريقة وضع ما أخذه من فتح الباري في أعلى الصفحة، ثم وضع الهامش الذي يوثق فيه المصادر التي عزا إليها الحافظ ابن حجر في فتحه، وأغلب هذه المصادر مصادر مطبوعة، وقد رجع إلى مصادر مخطوطة ووثق منها نقولات الحافظ، كالخبر الفصيح لابن التين، والزهر الباسم لمغلطاي، وشرف المصطفى لأبي سعيد النيسابوري. وإذا لم يجد المصدر الذي عزا إليه الحافظ ابن حجر ووجد نقولاته في مصدر آخر وثق منه.ومما يذكر للمؤلف أيضا أنه يحدد أسماء الأماكن بالاسم الحديث الذي اشتهر به بدلا من الاسم القديم، ويحدد المسافة بالكيلومترات.على أن البحث - كما نبه البعض - يفتقد سمة الدراسة والمقارنة والمناقشة ثم استخرج النتائج والفوائد، فليس فيه أي مقارنة ولا مناقشة.كما يفتقد المؤلف في هذا الكتاب ملكة نقد الرواة والمرويات، وحاسة التصحيح والتضعيف والتزييف.وفات المؤلف أحيانا الدقة في التوثيق، والدقة في أسماء المؤلفين والمؤلفات.