أصل هذا الكتاب ملاحظات دونها المصنف خلال ممارسته الطويلة لكتاب الله تعالى ومطالعة كتب التفسير وقراءة مفاهيم كثير من متدبري القرآن، فخرج هذا الكتاب في طبعته الأولى في ١٧٤ صفحة من القطع الصغير الذي يوضع كدفتر للجيب. فلما نال هذا الكتاب في طبعته الأولى المختصرة استحسان أهل الرأي والفكر وإعجاب المتخصصين بالدراسات الشرعية لا سيما التفسير، مكث مؤلفه ثمانية سنوات حتى أخرج طبعته الثانية المزيدة بقواعد أخرى مع أمثلة تطبيقية أكثر. وظل الكاتب على مدى ثلاثين عاما يضيف ويعدل حتى جمع في الطبعة السابعة أربعين قاعدة من قواعد التدبر للقرآن. وهذه القواعد تقدم للمتدبرين أصول التفسير الأقوم للقرآن. وقد اعتمد المصنف في شواهده على السبر الشامل لآيات القرآن الكريم إذ تيسر له ذلك بالاستعانة بالمعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم للأستاذ فؤاد عبد الباقي. ويقر المصنف أن هذه القواعد ليست على سبيل الحصر والاستقصاء ولكنها غاية ما توصل إليه وقد يكون بعض المفسرين قد وضع في تصوره مراعاة بعضها، ولكنه لم يجد من راعاها كلها مراعاة تامة، ومن ثم فهو يعد ما توصل إليه مهما على نحو ينبغي للمتدبر ملاحظته. ولا غرابة عندئذ أن نجد فهرس الكتاب يقع في ٣٦ صفحة لعناية المصنف الفائقة باستقصاء الآيات الدالة على القاعدة التي تناولها، والتي بلغت أحيانا ٣٨ مثالاً للقاعدة الواحدة. ومن أمثلة القواعد التي تناولها المصنف: ارتباط الجملة القرآنية بموضوع السورة وبما تفرق في القرآن، ووحدة موضوع السورة، وبيئة نزول النص، والفرق بين التفسيرات الجزئية والمعنى الكلي، وتكامل النصوص واستبعاد التكرير، وتتبع التفسير بالمأثور، ووجوب الجمع بين النصوص، وتتبع مراحل التنزيل، والحكمة في وضع آيات مكية أو مدنية مخالفة للسورة ككل، ولزوم فهم الآية وفق ترتيب نظمها، واقتضاءات النص ولوازمه ومحاذيفه، والربط بين الآيات وخواتيمها، وتردد النص بين دلالتين أو أكثر، والقسم في القرآن، وتنويع أساليب الأداء البياني، وحول دلالة بعض الألفاظ مثل "لعل" و"بلى" و"ما أدراك" والأمام والوراء.. وغيرها. والكتاب ثري في مادته ومتفرد في جمعها وحري بالمدارسة إذ تفرد في جمع هذه القواعد بهذا الكم الكبير مع ضرب الأمثلة.